المثلية الجنسية في المغرب.. خلل مجتمعاتي وحق إنساني!

المثلية الجنسية في المغرب.. خلل مجتمعاتي وحق إنساني!
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

المثلية الجنسية في المغرب، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والإسلامية، تعتبر موضوعا حساسا ومعقدا، وذلك نظرا للعديد من العوامل الدينية والاجتماعية والثقافية. القانون المغربي يجرم المثلية الجنسية، ويمكن للأشخاص الذين يدانون بممارسة الجنس مع أشخاص من نفس الجنس أن يواجهوا عقوبات تتراوح بين الغرامات والسجن..، من وجهة نظر معارضة للمثلية، هناك قلق من أن الترويج للمثلية كأمر مقبول اجتماعيا يمكن أن يؤدي إلى تآكل المعايير والقيم المجتمعية التقليدية، كما من الممكن أن هذا قد يؤدي إلى انقسامات اجتماعية وتفكك الروابط الأسرية التقليدية

ولمكافحة هذه “الظاهرة” فمن الضروري التوضيح هنا أن الموقف من المثلية يختلف باختلاف المجتمعات والأفراد. في الكثير من الأحيان، يكون النقاش حول “مكافحة المثلية” مرتبطا بمواقف أو قيم دينية أو اجتماعية تعارض المثلية، بينما يؤكد آخرون على ضرورة مكافحة التمييز والعنف ضد المثليين والدعوة إلى حقوق متساوية للجميع بغض النظر عن ميولهم الجنسية

إطلاق اسم “قوس قزح” على المثليين
اسم “قوس قزح” يستخدم كرمز للتنوع والشمولية ويعبر عن الأمل والجمال الناتجين عن التنوع. في سياق المجتمع المثلي، يستخدم علم قوس قزح كرمز لحقوق المثليين والتنوع الجنسي والنضال ضد التمييز، وليس محصورا في المغرب فقط بل يستخدم عالميا، إن إطلاق هذا الاسم يأتي من رغبة في التأكيد على أهمية قبول الآخرين كما هم والاحتفاء بالتنوع البشري.

أسباب انتشار ظاهرة المثلية في المغرب:

يصعب الحديث عن “انتشار” المثلية الجنسية كظاهرة، لأن المثلية ليست ظاهرة حديثة أو مرتبطة بمكان أو زمان محددين. المثلية موجودة في التاريخ البشري منذ القدم في مختلف الثقافات والمجتمعات، لكن ما يتغير هو الطريقة التي يتعامل بها المجتمع مع المثليين، والتي قد تختلف بشكل كبير بين الثقافات والعصور.

في سياق العالم العربي والإسلامي، يمكن أن ينظر إلى التغييرات في النقاش العام حول المثلية كجزء من التأثيرات العالمية لحركات حقوق الإنسان والتي تدعو إلى قبول التنوع الجنسي ومكافحة التمييز.

القانون المغربي يعكس هذه المواقف حيث يجرم المثلية الجنسية، وهذا يعتبر من قبل المؤيدين لهذه القوانين كوسيلة للحفاظ على النظام الأخلاقي والاجتماعي في البلاد.
في المغرب، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والإسلامية، تتأثر المواقف تجاه المثلية بعدة عوامل، أبرزها الدين والتقاليد والقيم الاجتماعية.

الأسس الدينية
الدين يلعب دورا محوريا في حياة الكثير من المغاربة، والإسلام -الدين الرئيسي في المغرب- يعارض الممارسات المثلية، فتعاليم الإسلام تنظر إلى العلاقات الجنسية داخل إطار الزواج بين الرجل والمرأة فقط كالصحيحة والمقبولة. بناء على هذا، ينظر إلى المثلية الجنسية على أنها مخالفة للأوامر الدينية والأخلاق الإسلامية.

القيم الاجتماعية والتقاليد:

المجتمع المغربي، كما هو الحال في العديد من المجتمعات الأخرى ذات الجذور التقليدية العميقة، يقدر الأسرة كوحدة أساسية في المجتمع، وينظر إلى المثلية من قبل البعض على أنها تتعارض مع النموذج التقليدي للأسرة وتهدد النسيج الاجتماعي القائم، لذاك يخشى من أن قبول المثلية يمكن أن يؤدي إلى تغييرات جذرية في القيم الأسرية والاجتماعية.

ماذا تقول حقوق الإنسان في المثلية:

قضايا المثلية الجنسية تتقاطع بشكل مباشر مع مبادئ حقوق الإنسان الأساسية كما هو معترف بها عالميا. المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة، الحرية، والأمان الشخصي، وكذلك الحق في عدم التعرض للتمييز، تنطبق على جميع الأشخاص بغض النظر عن توجههم الجنسي.

ما تقوله القوانين والمواثيق الدولية:

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: يؤكد على الحقوق والحريات الأساسية لجميع البشر دون تمييز بسبب، من بين أمور أخرى، الجنس أو أي وضع آخر، والذي يمكن تفسيره ليشمل التوجه الجنسي.

مبادئ يوغياكارتا: وضعت في عام 2006، هي مجموعة من المبادئ بشأن تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتوجه الجنسي والهوية الجنسانية.. هذه المبادئ تشدد على أن الحقوق الإنسانية تنطبق على جميع الأشخاص بغض النظر عن توجههم الجنسي أو هويتهم الجنسانية وتدعو إلى إنهاء التمييز وضمان المساواة أمام القانون.

الحماية من التمييز:

المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس أوروبا، قد دعت الدول الأعضاء إلى حماية الأفراد من التمييز على أساس التوجه الجنسي، وإلى إلغاء القوانين التي تجرم المثلية الجنسية، واتخاذ خطوات لحماية الحقوق الأساسية للأشخاص المثليين، مزدوجي التوجه الجنسي، ومتحولين جنسيا.

الزواج المثلي والحقوق المرتبطة:

في السنوات الأخيرة، بعض الدول اتخذت خطوات للاعتراف بالزواج المثلي وتوفير الحماية القانونية للأزواج من نفس الجنس وعائلاتهم، مما يعكس تغير الفهم والاعتراف بحقوق الأفراد المثليين كجزء من الحق في تكوين أسرة.

في الختام، المعايير الدولية لحقوق الإنسان تدعم المساواة والحماية من التمييز للأشخاص بغض النظر عن توجههم الجنسي. هناك تقدم ملحوظ في العديد من البلدان بخصوص الاعتراف بحقوق الأفراد المثليين، ولكن لا يزال هناك معارضات كبيرة في أجزاء كثيرة من العالم خصوصا المجتمعات الإسلامية والمحافظة.

وفي النهاية، تبقى المثلية عائق كبير ليتقبله اي مجتمع محافظ او يندمج معه سواء كان السبب في المثلية البيئة او الأسرة أو الوعي أو حتى الواقع الديني، لذلك فمن الصعب جدا محاربة او مكافحة هذا الخلل إن بالزجر القانوني او حتى بالاستبعاد المجتمعي أو عن طريق التمييز، وخاصة القول فإن التربية السليمة على الأخلاق والشريعة الإسلامية هي الأساس الاول والأخير لتفادي وقوع ابنائنا في هذا المنحدر الغويط!.

الاخبار العاجلة