زووم على صورة جماعية الحلقة الأولى: عبدة الألقاب

رئيس التحرير18 نوفمبر 2021
زووم على صورة جماعية الحلقة الأولى: عبدة الألقاب

بقلم: حنان الطيبي
يقال ان العلم لا يزيد صاحبه إلا تواضعا وتنويرا، إلا أن شرذمة من المدعين للعلم لا يزيدهم علمهم المزعوم إلا غرورا واختيالا، ناسين أو متناسين أن فوق كل ذي علم عليم.
فلا ضير ان يشتغل المرء على نفسه ويطور من ذاته ويحترمها فهذا شيء مطلوب وعادي جدا، لكن ان ينفش ريشه ويرفع أرنبة أنفه فهذا شيء مخز بالفعل.
إن المرء، وما أكثرهم، يذهب لعمرة أو حج وبعد عودته لا يرضى إلا أن ينادى بالحاج أو الحاجة وكأنه اعتمر ليفوز فقط باللقب، بل ويجبرك على مناداته بالحاج عنوة، وإذا سهوت عن ذلك فيعتبرها قلة أدب منك واستخفاف بشخصه العظيم. وإذا كان أحدهم ممن حج من التجار مثلا فلا ينفك ينزل لافتة دكانه ليضيف فيها لقب الحاج ويرفعها من جديد..
أما من حصل على دكتوراه ولو فخرية فيقطب جبينه إذا لم تناديه بلقب دكتور أو إذا لم تضف حرف الدال قبل إسمه على دعوة لمناسبة ما.

إن التشريف في مجتمعنا يسبق التكليف، ويتباهى الملقب فيه بلقبه ويتفاخر، فكل من ألف كتابا مقتطع الصفحات من هنا وهناك أصبح مؤلفا، وكل من أردف ابياتا شعرية ركيكة وجمع ديوانا مهجورا أصبح شاعرا، وكل من وقف على خشبة المسرح عابرا أو اقتص ثانية من الزمن في دور لا دور له اصبح فنانا، وكل من حمل ميكروفونا في يده أصبح صحفيا… والأمثلة كثيرة للأسف الشديد.
لا شك أن اللقب شيء مكتسب، لكنه لا يمثل بالضرورة شخصية الملقب به، سواء كان يستحقه ام لا، فكم من أشعث اغبر فيلسوف زمانه، وكم من فنان موهوب مرفوف على رف النسيان لا يكرم إلا بموته، وكم من شاعر رص الكلمات الثاقبة فتم رصه في المعتقلات…
هكذا نحن، نتباهى باللقب ونعلم كل العلم أننا لا نستحقه، فلا اللقب نحن ولا باللقب نكون.

الاخبار العاجلة