بعد أن شهدت الدورة 101 لمهرجان حب الملوك بصفرو، الذي يُعتبر من أعرق التظاهرات الفنية والثقافية بالمغرب، فوضى عارمة وتنظيمًا كارثيًا أفقداه بريقه وهويته، تتواصل فصول الإخفاق مع استمرار التجاوزات التي تطال حتى الجسم الصحفي، وتؤكد على ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لقد سبق وأن نبهنا في مقال سابق إلى “فوضى وتنظيم كارثي يلطخان مهرجان حب الملوك”، مشيرين إلى الخروقات الخطيرة والتجاوزات الصارخة التي شابت الدورة الحالية، بدءًا من أداء شركة الأمن الخاص المتدني وسلوكيات عناصرها غير المهنية، وصولًا إلى ضعف تنظيم حفل اختيار ملكة جمال حب الملوك.
ورغم كل التحذيرات، يبدو أن المهرجان ماضٍ في طريق فقدان هويته الأصيلة، في تأكيد صارخ على استمرار المشكلة، لا تزال بعض عناصر الأمن الخاص التابعة للشركة المكلفة بتأمين المهرجان تمارس الإهانة ومنع دخول الجسم الصحفي.
حيث تم منع أحد الزملاء الصحفيين من الدخول، رغم حيازته للشارة الرسمية الممنوحة له والمخصصة للصحافة، بذريعة أن “القضية عامرة ومعندك في تزيد”، هذا السلوك غير المقبول يمثل انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة ويعكس عدم احترام لدور الإعلام في تغطية الأحداث العامة.
إن استهداف الصحفيين بهذا الشكل هو محاولة سافرة لطمس الحقائق ومنع الكشف عن حجم الإخفاقات.
ولقد اشتكى العديد من الصحفيين من تضييق الخناق عليهم من طرف عناصر الأمن الخاص التابع للشركة المنظمة للمهرجان، فإلى جانب منعهم من الدخول مُنعوا من التواصل مع بعض الفنانين المشاركين في المهرجان، وحيل بينهم وبين الحصول على تصريحات صحفية، ووصل الأمر إلى حدّ منعهم من تغطية بعض الفعاليات، مما أثار استياءهم وامتعاضهم.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعداه إلى مرافقة الفنانين بطريقة مبالغ فيها، وكأنهم في مهمة لحمايتهم من هجمات نووية أو عمليات اغتيال، حسب تعبير أحد الصحفيين.
واعتبر العديد من المتتبعين أن هذه المبالغة لا تليق بمهرجان فني وثقافي، وتعكس صورة سلبية عن التنظيم وتؤكد على غياب المهنية في التعامل مع مجريات الحدث.
لم تعد الانتقادات مجرد آراء فردية، بل تحولت إلى إقرار رسمي بالفشل.
فقد صرح لأحد المنابر الإعلامية السيد: مصطفى خمليشي، نائب رئيس جماعة صفرو، بأن “التنظيم كان كارثيًا”، مؤكدًا أن أعضاء المجلس الجماعي بصفرو غير مقتنعين بهذا التنظيم الذي لا يشرف مهرجان حب الملوك الذي يعتبر شيخ المهرجانات بالمغرب.
هذا الاعتراف من مسؤول داخل الجماعة يدق ناقوس الخطر ويدعو إلى مراجعة شاملة لجميع الجوانب التنظيمية.
لم يقتصر الاستياء على المسؤولين والإعلاميين فحسب، بل امتد ليشمل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن سخطهم الشديد من تنظيم هذه الدورة، ووصفها الكثيرون بأنها “”أسوأ نسخة عرفها مهرجان حب الملوك”” منذ انطلاقته، هذا الإجماع على سوء التنظيم يعكس حجم الكارثة التي يعيشها المهرجان وتأثيرها السلبي على سمعته ومكانته في قلوب سكان صفرو وعموم المغاربة.
وأمام هذا الوضع المتردي، طالب عدد من الفعاليات المحلية بـإعادة تنظيم المهرجان إلى جماعة صفرو، وذلك لضمان إشراف مباشر وفعال يضمن احترافية التنظيم ويحافظ على هوية المهرجان وتراثه.
إن هذا المطلب يؤكد الثقة في قدرة الكفاءات المحلية على إدارة تظاهرة بحجم مهرجان حب الملوك، وإعادته إلى مجده السابق.
إن ما يحدث في مهرجان حب الملوك يتجاوز مجرد أخطاء تنظيمية، إنه خطر حقيقي يهدد بفقدان المهرجان لهويته وقيمته التاريخية والثقافية.
لقد حان الوقت للمسؤولين لاتخاذ إجراءات حازمة وملموسة لوقف هذا التدهور، وإعادة الاعتبار لهذه التظاهرة التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من تراث مدينة صفرو وذاكرتها الجماعية. فهل سنشهد تحركًا جادًا قبل فوات الأوان؟