في تحول لافت نحو توطين الصناعات الثقيلة، تحوّلت مدينة فاس إلى نقطة انطلاق جديدة للمغرب في مجال تصنيع القطارات، بعد سنوات من التميز في صناعة السيارات والطيران. المبادرة ليست مجرد خطوة صناعية، بل عنوان لطموح استراتيجي يروم تعزيز السيادة الوطنية في قطاع النقل السككي.
الرهان انطلق بإعلان شركة “ألستوم” الفرنسية عن إقامة وحدة صناعية في فاس لتصنيع مقصورات القطارات الجهوية، في إطار شراكة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية. هذا المشروع لا يقتصر على الإنتاج، بل يمتد إلى نقل التكنولوجيا وتكوين الكفاءات المغربية، بما يعزز استقلالية المملكة الصناعية.
ولا تتوقف الخطط عند هذا الحد، فقد وقّع المغرب صفقات ضخمة بقيمة 29 مليار درهم لتحديث أسطوله السككي، تشمل اقتناء 168 قطارًا حديثًا من شركات عالمية، منها قطارات فائقة السرعة من فرنسا، وأخرى بين المدن من إسبانيا، إضافة إلى قطارات حضرية من كوريا الجنوبية.
هذه الدينامية تأتي استعدادًا للرهانات الكبرى، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم 2030، حيث يطمح المغرب إلى مضاعفة عدد المدن المرتبطة بالسكك لتشمل 43 مدينة وتغطي قرابة 87% من السكان بحلول 2040.
فما يحدث في فاس ليس مجرد تصنيع قطارات، بل هو إعلان واضح بأن المغرب لم يعد يكتفي بدور المستورد أو المستهلك، بل أصبح فاعلًا ومصممًا على دخول نادي الدول المصنعة بثقة وثبات.