بقلم: مصطفى مجبر// المغرب العربي بريس
كلنا يعلم، في ليلة شتنبر من عام 2023، ضرب زلزال مدمر مناطق متفرقة من المغرب، تاركا وراءه دمارا هائلا ومآسي لا تحصى، كانت منطقة الحوز من بين أشد المناطق تضررا، حيث تهدمت المنازل وتشردت الأسر، وجرد الكثيرون من مأواهم في غمضة عين، ومع انخفاض درجات الحرارة وهبوب رياح الشتاء القارسة، تتفاقم معاناة الناجين الذين يواجهون الآن تحديات جديدة تفوق مجرد النجاة من الكارثة.
على الرغم من التعليمات السامية التي أصدرها جلالة الملك بتقديم مساعدات استعجالية للمتضررين وإعادة بناء ما دمره الزلزال، يبدو أن الواقع يخالف التوقعات، فالعديد من السكان في ضواحي ورزازات، وغيرها من المناطق المنكوبة، لم يتلقوا بعد أي شكل من أشكال الدعم أو التعويض،أحد هؤلاء من قيادة تومدوت جمعة امينولاون دوار اكني إقليم ورزازات فقد منزله وأصبح غير صالح للسكن، قدم شكوى ولم يتلق حتى الآن أي رد أو إشارة على تقديم المساعدة.توصلت الجريدة بنسخة من الشكاية الى السيد عامل إقليم ورزازات.
يقضي المتضررون أيامهم ولياليهم في خيام مؤقتة، حيث يعانون من البرد القارس، والاكتظاظ، ونقص في الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والرعاية الصحية، هذا الوضع ليس إلا مثالا حيا على الفجوة بين الوعود والواقع، حيث يبدو أن المساعدات الاستعجالية لم تصل بعد إلى من يحتاجونها بشدة.
تبرز هذه الأزمة التحديات التي تواجهها الجهات المعنية في إدارة الكوارث وتقديم المساعدات بكفاءة وعدالة، فالتعليمات السامية كانت واضحة، خصوصا في مسألة تعويض المتضررين عن سكناهم سواء بإصلاحها وترميمها او بإعادة بنائها وغيرها من التعليمات التي أمر بها جلالة الملك لتعويض المتضررين عن منازلهم. فالتأخير في تقديم الدعم ليس فقط يزيد من معاناة المتضررين، بل يظهر أيضا الحاجة الماسة لتحسين آليات الاستجابة للطوارئ وتعزيز البنية التحتية لتكون قادرة على مواجهة مثل هذه الكوارث في المستقبل.
إن القصص المؤلمة للناجين من زلزال شتنبر تذكرنا بأهمية التضامن الإنساني والعمل الجماعي لمواجهة التحديات. كما تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتقييم الإجراءات المتخذة وتحديث الخطط والاستراتيجيات لضمان ألا يترك أحد وراء ركب الإغاثة والإعمار في أوقات الأزمات.
بعد كارثة الزلزال، وجد العديد من سكان المناطق المتضررة، أنفسهم في مواجهة تحديات هائلة ليس فقط للنجاة من آثار الزلزال الأولية ولكن أيضا للتعافي وإعادة بناء حياتهم في الأشهر التالية، الصورة القاتمة التي ترسمها معاناة هؤلاء تكشف عن عمق الأزمة الإنسانية التي تلت الكارثة الطبيعية، حيث اضطروا للعيش في الخيام أو الملاجئ المؤقتة الحل الوحيد لمئات الأسر التي فقدت منازلها.
إن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل كان حقا مهولا، فقد أدى إلى تشريد الآلاف من الأسر، خصوصا أصحاب المباني التي بنيت دون مراعاة لمعايير السلامة ضد الزلازل، والتي بنيت بالجبن والإسمنت فقط، إذ أصبحت متلاشية بعدما تهدمت بالكامل، اما ما قاوم منها فقد اصبح غير صالح للسكن.
ورغم الوعود بتوفير المساعدات الاستعجالية والدعم لإعادة الإعمار، فإن الفجوة بين الإعلان عن المساعدات ووصولها الفعلي إلى المتضررين تسببت في إحباط كبير وشعور بالإهمال من قبل بعض السكان المتضررين.
ويعاني المتضررون الذين يعيشون في خيام من البرد القارس حاليا، خصوصا خلال الليل، مع قلة الوصول إلى المياه النظيفة والغذاء الكافي والرعاية الصحية..، فهذه الظروف تزيد من مخاطر الأمراض والمشاكل الصحية بين الناجين، خاصة الأطفال وكبار السن.
ويتساءل اولئك الذين فقدوا منازلهم بسبب الكارثة، حيث أظهرت الأزمة تحديات إدارية ولوجستية كبيرة في كيفية تنسيق جهود الإغاثة وتوزيع المساعدات بشكل فعال. إذ تتساءل فئة الخيام حول السبب وراء عدم استفادتها لحد الآن من التعليمات السامية، مما جعل تلك الفئة تطرح السؤال اذا ما كان بسبب البيروقراطية اوعدم وضوح الإجراءات وما الذي ساهم في تأخير تنفيذ الوعود بالتعويضات.
حقيقة أن مسألة إعادة الإعمار تتطلب جهودا ضخمة ومستدامة، ليس فقط في إعادة بناء المنازل والبنية التحتية، ولكن أيضا في تعزيز القدرة على الصمود في وجه الكوارث المستقبلية..، لذلك هناك حاجة ماسة لإعادة التفكير في سياسات التخطيط العمراني وتطبيق معايير بناء تأخذ في الاعتبار المخاطر الطبيعية.
في الختام، فإن زلزال شتنبر 2023 لم يكن مجرد كارثة طبيعية، بل كان اختبارا لقوة ومرونة المجتمع المغربي، ولكفاءة وفعالية نظام الاستجابة للطوارئ في البلاد.، لذلك تظل الحاجة ماسة إلى تحسين هذه الأنظمة وتعزيز التعاون بين الحكومة، المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني لضمان أن يكون المغرب أكثر استعدادا لمواجهة أي كوارث مستقبلية لا قدر الله.