الحكومة تعد موظفي التعليم بإخراج نظام أساسي موحد

المغرب العربي26 يناير 2022
الحكومة تعد موظفي التعليم بإخراج نظام أساسي موحد

لا حديث في الأوساط التعليمية هذه الأيام إلا عن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الحكومة والنقابات التعليمية، والذي حمل في تفاصيله جملة من الحلول للملفات الفئوية التي شكلت مصدرا لتوترات في القطاع طيلة خمس سنوات.

دخل رئيس الحكومة بثقله السياسي في الحوار الاجتماعي الذي انطلق بين الوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين والنقابات التعليمية، وأفضى هذا التدخل اللافت إلى التوصل لاتفاق مرحلي سيكون ممهدا لاتفاق نهائي، سيكون في صيغة إصدار نظام أساسي جديد وموحد سيعوض النظام الحالي الذي يعود لسنة 2003. الحكومة من جهتها تعترف بالآثار المالية الضخمة لهذا النظام المرتقب، لذلك سيتم تخصيص ميزانية خاصة له في مشروع المالية 2023. والنقابات من جهتها عبرت عن تفاؤلها بتحقيق السلم الاجتماعي الذي أضحى «عملة نادرة» في القطاع طيلة الخمس سنوات الماضية.

 

نظام أساسي واحد بدل 13 نظاما

في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السابقة تتجنب الحديث صراحة عن نظام أساسي موحد وعادل، بسبب ما أسمته التكلفة المالية الضخمة التي سيتطلبها، وتحت مسمى «الظرفية الاقتصادية الصعبة»، كان رئيس الحكومة السابق يتجنب الخوض في كل ملف يتطلب ميزانية إضافية. الآن دخل رئيس الحكومة شخصيا على خط الحوار الاجتماعي الذي يشهده القطاع منذ تعيين حكومة عزيز أخنوش، وأفضى هذا التدخل إلى التزام الحكومة بتضمين ميزانية تسوية الملفات الخاصة بمئات الفئات التعليمية في قانون المالية الخاص بالسنة 2023.

الاتفاق، الذي أشرف على مراسيم توقيعه رئيس الحكومة، ينص على عدد من الإجراءات تتعلق، أساسا، بمراجعة النظام الأساسي الحالي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وإحداث نظام أساسي محفز وموحد يشمل جميع فئات المنظومة التربوية في غضون سنة 2022.

هذا النظام ينتظر منه أن يعمل على تسوية مجموعة من الملفات المطلبية ذات الأولوية، تتمثل في ملف أطر الإدارة التربوية، وملف المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، وملف أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي المكلفين خارج سلكهم الأصلي، وملف أطر التدريس الحاصلين على شهادات عليا، وملف أطر التدريس الحاصلين على شهادة الدكتوراه.

كما تمت، في هذا الصدد، برمجة تدارس الملفات المطلبية الأخرى المطروحة من طرف النقابات الخمس الأكثر تمثيلية، ومواصلة الحوار بشأن ملف الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. أي ما يناهز 22 ملفا اجتماعيا.

من جهتها اعتبرت الحكومة أن التوقيع على هذا الاتفاق «يأتي تتويجا لسلسلة من جلسات الحوار القطاعي، التي حظِيت بعناية خاصّة من لدن الحكومة، في سياق تنفيذها لالتزاماتها ذات البعد الاجتماعي، وانسجاما مع رغبتها في جعل الحوار الاجتماعي آلية أساسية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للموظفين، وكذا في ترسيخ الدور التمثيلي للشركاء الاجتماعيين وتقوية الديمقراطية التشاركية».

الحكومة أكدت أيضا أن الاتفاق يُجسّد الإرادة المشتركة لمختلف الأطراف، وانخراطها الكامل في منهجية إنجاح ورش الإصلاح التربوي، الذي يستهدف الرفع من جودة المدرسة العمومية وتعزيز جاذبيتها، ويضع في مقدّمة أولوياته تثمين أدوار هيئة التدريس، التي تستحقّ كلّ التقدير والامتنان، عرفانا بنبل رسالتها، واعتزازا بتضحياتها وبجهودها المتواصلة لفائدة المدرسة المغربية.

 

ارتياح نقابي غير مسبوق

التفاؤل الحكومي بتصفية الأجواء داخل القطاع قصد توفير الشروط الموضوعية لإنجاح الإصلاح رافقه أيضا تفاؤل نقابي شمل كل النقابات التي وقعت على الاتفاق. ففي تصريحات لعدد من القيادات النقابية عقب جلسة الاتفاق، أكد محمد خفيفي، نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، «أن صيرورة التفاوض مع وزارة التربية الوطنية انطلقت في عهد وزير التعليم السابق، سعيد أمزازي، إلا أنها توقفت وتم تجميد الحوار»، موضحا أن «الحكومة الجديدة عبرت عن إرادتها في تجاوز الاحتقان والتوتر بين الفرقاء الاجتماعيين والوزارة». وأضاف أن النقابات لم تلمس وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة السابقة، كما أن رجال ونساء التعليم، كما النواب البرلمانيين، يذكرون وعود أمزازي بالحسم في ملف الإدارة التربوية خلال أيام وأسابيع، إلا أن تلك الوعود لم تر النور».

وأبرز المسؤول النقابي ذاته أن «مسلسل التفاوض توج بتسوية ستة ملفات ظلت تشوبها بعض الثغرات القابلة للنقاش»، موردا أن المحضر يحمل عنوان «اتفاق مرحلي»؛ «بمعنى سيتلوه اتفاق شامل سيتضمن الملفات العالقة الأخرى». واعتبر خفيفي أن أهم ما جاء في الاتفاق هو الحديث عن النظام الأساسي، باعتبار أنه سيحل مجموعة من المشاكل الفئوية، وقال: «أكدنا على ضرورة إخراج نظام محفز، وموحد للفئات، كفانا من الفئوية داخل القطاع»، مشيرا إلى أنه «سيتم الانتهاء من الاشتغال على النظام الأساسي خلال نهاية السنة الجارية، وستقدم تكلفته المالية في قانون مالية 2023».

من جهته أكد عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن «الملفات التي لم تنل بعد حظها من التسوية، سيتم طرحها في بداية شهر فبراير المقبل، فيما تمت برمجة مناقشة ملف الأساتذة المتعاقدين يوم 31 يناير الجاري، بحضور الوزارة والنقابات وممثلي الأساتذة». وأبدى المتحدث تفاؤله بوعد الحكومة بإقرار تعويضات إضافية وآفاق ترقٍّ إضافية ضمن النظام الأساسي المرتقب الإفراج عنه هذه السنة.

من جانبه، قال يوسف علاكوش، الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن «الحكومة أرسلت إشارات إعادة الثقة، بالإضافة إلى أهمية استضافة رئاسة الحكومة واحتضانها لهذه المطالب والتزام رئيس الحكومة بمتابعة تنفيذ مضامين الاتفاق، على اعتبار أن قطاع التربية الوطنية قطاع حيوي وذو رهانات كبرى مرتبطة بالتنمية».

وسجل علاكوش أن «مأسسة الحوار» واحد من أهم المكتسبات التي نص عليها الاتفاق، بالإضافة إلى إرساء منهجية للتفاوض، بحيث تم الاتفاق على أن جميع المشاكل التي ستواجه نساء ورجال التعليم ستتم حلحلتها في إطار مؤسسة الحوار القطاعي، ولهذا الغرض تم تفعيل مذكرة تتحدث عن مأسسته إقليميا وجهويا ووطنيا. وأن «التكتم الذي صاحب التوقيع كان يهدف إلى خلق جو من التوافق والتفاوض حول الملفات، وتجنب التشويش على الشغيلة الذي قد يؤدي إلى عدم فهم أهمية مضامين الاتفاق».

 

الاخبار العاجلة