أعادت وزارة الداخلية ضبط عقارب المحاسبة في وجه عشرات الجماعات المحلية، بعدما كشفت عن تجاوزات فادحة في إعداد ميزانياتها، تضمنت نفقات مبالغ فيها دون سند قانوني أو واقعي. فقد تم رفض المصادقة على حسابات أكثر من عشرين جماعة، أغلبها خصصت اعتمادات ضخمة لشراء سيارات فارهة، وتعويضات خيالية، ونفقات احتفالات، رغم توفر الجماعات على أساطيل نقل كافية وميزانيات محدودة.
الوزارة، التي وصفت الوضع بـ”الخطير”، تستعد لاعتماد إجراءات تصحيحية حازمة ضد هذا العبث المالي الذي أصبح قاعدة لا استثناء. مصادر من المديرية العامة للجماعات المحلية أكدت أن هذه الميزانيات شابها اختلال في التوازن، ومحاولات لتضخيم المداخيل بشكل مصطنع لتبرير نفقات غير مبررة، بينها مصاريف محامين واستشارات قانونية باهظة، رغم أن القانون لا يسمح بتكرار هذه المهام بدون سند.
المثير أن بعض الجماعات خصصت أكثر من 200 مليون درهم تحت بند “الأعمال الشاقة”، إضافة إلى تعويضات خيالية لأعضاء لجان تتكون فقط من أربعة أشخاص. أما الإصلاحات التقنية وميزانية البنزين ومكافحة الحشرات، فقد تحولت في بعض الجماعات إلى واجهة لتبرير النهب المنظم.
وسط هذا المشهد، يتعرض بعض رؤساء الجماعات لضغوطات من منتخبين نافذين يريدون تمرير الميزانيات لتحقيق مكاسب شخصية، في ظل تحالفات سياسية هشة وتعددية أنهكت التسيير الجماعي.
الإجراءات الأخيرة تعكس توجهًا حازمًا من وزارة الداخلية نحو محاسبة المقصرين وفرض الشفافية، بعدما تحولت ميزانيات الجماعات من أدوات للتنمية إلى قنوات للهدر والتبذير باسم التنمية المحلية.