من يخول هذه الصلاحيات لحراس الأمن بالمستشفيات الحكومية.. يحددون مواعيد المرضى مواعيد الزيارة واحيانا يصفون الدواء للمواطنين!

مصطفى مجبر24 يناير 2024
من يخول هذه الصلاحيات لحراس الأمن بالمستشفيات الحكومية.. يحددون مواعيد المرضى مواعيد الزيارة واحيانا يصفون الدواء للمواطنين!
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

بينما يبدو مواطنونا بأنهم يأتون للبحث عن قضاء مصالحهم، وخصوصا المستشفيات الحكومية لتلقي العناية الطبية ، يتلقون بدلا من ذلك جرعة من الاستعلاء والشطط، وكأنهم يشحتون قوت يومهم.. إن اللطف والتعامل الحسن لا يعتبران في قاموس حراس الأمن للمستشفيات الحكومية، بل هم يفضلون لغة العنف والاستعلاء واحيانا الضرب..
. إنهم يعتبرون أنفسهم أبطالا في عالم الهمجية الصحية، حيث يتألقون في تصعيب تجربة المواطنين بدلا من تسهيلها.

وعندما يأتي المواطن لزيارة مريضه، يجد نفسه في معركة ملحمية مع حراس الأمن، الذين يبدون وكأنهم جاؤوا للمشاركة في بطولة مصارعة وليس لحماية المرضى. وإذا أخطأ المواطن في الوقوف في المكان الخطأ، تكون العقوبة هي مزيج من الاستعلاء والشطط والكلمات النابية، مع لمسة إضافية من الابتزاز للتذكير بأهمية الخطوط السوداء.

لطالما كانت الفوضى هي اللغة المحلية لحراس الأمن، حيث يبدو أن مهمتهم الرئيسية هي تكثيف التوتر وتصعيد الأمور وتعقيدها وليس الحفاظ على النظام، فبمجرد دخولك من باب المستشفى بسيارتك او بسيارة الأجرة يتم “فتح محضر استنطاق”، من انت؟ وما سبب الزيارة؟ ولماذا؟ وأين؟وما ذا تحمل في يدك من أكياس الطعام؟ ومتى ستخرج والى أين تتجه وما علاقة القرابة بينك وبين المريض؟…الخ.
وربما يقول البعض هذه امور روتينية ولا مشكلة في هذه الأسئلة، لكن المشكلة الحقيقية هي طريقة طرح هذه الأسئلة بشكل زجري ومستفز وهجومي بغض النظر عن الصراخ في وجهك كما من السهل جدا منعك من الدخول حتى بعد استنطاقك!.
وإذا حدث سوء تفاهم بسيط بين أحدهم وبين مواطن، يتحول الحراس اللطفاء إلى جيش من الأمن المدرع، مستعدين لتقديم دروس في الاحترام بأسلوب قائم على الطرد واحيانا الضرب.

في ساحة الأمان، يظهر حراس المستشفيات كأنهم تخرجوا من دورة تدريبية للتصرف كـمصارعي “النينجا”. إن مواجهتهم للمواطنين تشبه فعلا السيرك، حيث يقومون بأداء حيل ماكرة ومخادعة للكذب على المواطن بان الطبيب فلان الفلاني ليس بالداخل وانه سيهاتفه للحضور مقابل ابتزاز مادي، ف “التدويرة” هي اللغة الرسمية المفهومة لديهم، إذ يدفع المريض ليجعلوا الزائر يدخل إليه، ويدفع الزائر للوصول إلى مريضه، و “20” درهم هي أدنى رسوم لما يسمى ب “قهيوة”..

إن التعامل مع حراس المستشفيات يشبه تحدي رياضي، حيث يتنافسون على من يظهر بأسلوب “الابتزاز الأكثر إبداعا”. كما أن توجيه الانتقاد لهم هو بداية الصراع ومحاولة فاشلة غالبا ما تنتهي باشتباكات جسدية لاسيما وأنهم يتمتعون جميعهم ببنية جسمانية قوية تخول لهم تحقير المواطنين.

وبينما يظهر حراس الأمان ببنيات جسمية قوية، يظل تحليلهم السلوكي ينقصه العقلانية والديبلوماسية، فهل تحلمون بأمان أفضل واحترام للمواطنين؟ يجب أن تبحثوا عن حراس يجيدون أداء مهمتهم بلطف ويستخدمون الكلمات اللطيفة قبل القوة.

على مستوى آخر، يمكن تصوير حراس المستشفيات كـ “حراس الفوضى”، حيث يستخدمون البلطجة بدلا من الالتزام بالمسؤولية، ولكن يبدو أنهم قد نسوا دورهم الرئيسي في خدمة المواطن وحمايته.
وفي الوقت الذي يتجاوز فيه حراس الأمان صلاحياتهم إلى أبعد الحدود، يمكن تصويرهم وكأنهم “الطاقم الطبي”، إذ يقودون مسرحية طبية رائعة، حيث يقومون بتوجيه المواطنين بكيفية تلقي العلاج وتنظيم الطوارئ بكل مهنية بل ويمكنهم تضميد الجرح وإجراء أشعة السكانير في انتظار قدوم الطبيب!،

إن كان حراس الأمان يريدون تولي صلاحيات الإدارة والطاقم الطبي، فلنقل إنهم في حاجة ماسة إلى دورات تدريبية في “كيف تدير مستشفى دون أن تعرف أي شيء عن الطب”. ربما ذلك يساعدهم على فهم أن الأمان لا يعني الاستعلاء والابتزاز، بل يعني الحماية وتوفير بيئة آمنة… وهذا إذا كانوا يعرفون معنى “الحماية”، بالطبع

في الختام، يبدو أن حراس المستشفيات يعيشون في عالم موازي حيث يعتبرون أنهم قوة خاصة من الأبطال الخارقين، ولكن في الواقع، إنهم فقط متأهبون للانتقام من كل من يجرؤ على دخول أراضيهم المقدسة.

أليس الأمر غريبا أن يتحول حراس الأمان إلى نخبة إدارية وطبية، كأنهم يمتلكون خريطة الكنز وليسوا مجرد حراس للمستشفى؟! إنهم يديرون مواعيد الزيارة كما لو كانوا إمبراطورين يقررون مصير المواطن، وليس مجرد حراس يقفون عند البوابة لخدمة المريض والسليم على السواء.

في نهاية هذا العرض المثير لعجائب “حراس الأمن المستشفيات”، نجد أنفسنا أمام مسرحية غير تقليدية، حيث يتخذ حراس الأمان دور النجوم الرئيسيين، ولكن بدور الصعاليك وليس بدور الأبطال.

قد تكون مواقفهم مستفزة اكثر منها منضبطة، ولكن يظل السؤال معلقا في الهواء: هل حان الوقت ليتذكروا أنهم حراس امن، لا مدراء أو أطباء؟! إنهم يمتلكون بنية جسمانية قوية ومهارات فنون القتال، ولكن هل يمكنهم تطوير مهارات اللطافة والاحترام؟ فلنرى ما إذا كانوا سيكونون قادرين على تجاوز اختبار “الرحمة والتواضع” بنجاح.

في النهاية، قد تكون مغامرة حراس المستشفيات في عالم الهمجية التنظيمية أمرا غريبا، لكنها للأسف تثير الاستفزاز مهما ناقشنا الوضع الرديء معهم.

الاخبار العاجلة