عربون” الإنتخابات”

رئيس التحرير1 سبتمبر 2021
عربون” الإنتخابات”

ابراهيم الدردوخي

حاجة مستقاة ومبدئية أن يكون الناس يتحلون بالكرامة، ويصونون أنفسهم من شذرات تعيق وتطيح بإنسانيتهم، فأعظم شئ في الولادة هي البراءة وأبخس أثمانها المرافعة عن حياة ميؤوسة مع الآخرين، فإذ لا حاجة مقبوضة دون أن يكون الطرف الآخر حاضرا فيها، كما الوسيلة تحتاج إلى مستعمل لها بإتقان حتى لا يزف منها خبر غير ما نريد منها. يولد الإنسان ومعه أوصاف لحياة لا يعلم خباياها، ولا يكلف نفسه عناء وشقاء البحث عن كل احتكاك أو جدال، أو ترافع عن خير أو شر، إلا بعد أن يكبر ليعتاد على ركوب ماكان غامضا في ذهنه، أو حلما كان يتمناه لو أخذ بالحيلة قبل الصراخ، ثم يدور الوقت ليشيب مع أكبر ملحمة تشكل معبرا أن يختار أو يجانب،بتمحيص قد يأخذ مجراه على أساس مواقفه وتحفظه.
دعونا أن نلقي بظلال الكرامة والقيم في سلة المهملات، ولنعدها شيئا يصنعه آخرون لفائدتهم، ومن منطلق تلك البراءة أو ذاك الضعف الذي احترفوه وامتهنوا البيع والشراء فيه. خلال كل خمس سنوات من الزوال والمحن والهلاك، ورفقا ببعض النتائج المرضية، يتعزز موقف الناس بالعطاء الجيد ويبرر الفظيع منه بعدم الاحساس بالمسؤولية وباليقظة التامة، أو بقليل يخطر على بالهم، بعد مغيب شمسه ووقت بداية عهد وانطلاقة جديدة. دخولنا في الإستحقاقات الإنتخابية لا تكترث اطلاقا لممارسة الديمقراطية وايضاح للمنهج الذي تسير عليه، ثم إن أكبر خطأ فادح تقع فيه مجمل الأحزاب السياسية، هو عدم رضاها، بالمنافسة الشريفة، ثم إننا إزاء واقع حزبي اذا تعددت فيه البرامج يتقلص فيها دور المنتخب، وبالتالي يفشل في القيادة وتفشل الإصلاحات ويرمى بآفاق وتطلعات المواطن إلى حيث يرقد منتظرا العفو.

فإذا كانت التعددية الحزبية في المغرب تعتبر انفراجا حقيقيا نحو تجويد للعملية الإنتخابية،بما يمكن أن يفيد المواطن في الرقي والتغيير وانتهاج طرق مختلفة عن آخر، مع تبني رؤى تكون مغايرة،فإن أعظم مصيبة هنا تدعو للقلق، بحكم أن ما يحيط باللعبة كامن كليا في الإستحواد، حبا في السلطة والمال وخلق ثروات تغنيهم، وليس لتحقيق أهداف المواطنة الكاملة. ومع هذا فان حلقة هذا المسلسل الانتخابي، الذي دخلناه جاء كالعادة بدماء الفدية وطعام على المساكين ترحما على تصويتهم وليس تصويبا لأمورهم ودفاعا عن مطالبهم. اللعبة محتالة بكل المقاييس لما الأحزاب السياسية بنشوتها تتحرى شهرتها بالكسوة وبالقمصان من مختلف الألوان وبالشعارات الفضفاضة، وحين يقف المتقلب مزاجا يتحسس واقع الانتخابات لعله يظفر بمساعدة تكفله يوم أو يومين أو لنصف نهار.

ماذا كنت تتوقع لو أصيب هذا الحزب بنشوة من ريح هذه الديمقراطية، وأصيب المواطن لدرء المفسدة، وأدركا معنى الإثنين لب نجاعتها، غير خسارتهم وخسارة أوطانهم، هل نظفر بنتائج مستقبلية نرضاها.أكيد أن حال هذا المواطن الميؤوس من أمره لا يجب أن تسدى له النصائح، وأن يتحمل مسؤولية مرشحيه عند الإختيار، لتسويغ أفكاره وعدها منعطفا يميل إلى الأمثل، مادام الإثنان يشتركان في اللعبة وكلاهما ينقضان بنواجدهم على إنقاذ نفسيهما. اذا فالتغيير عالق وعجلة الإصلاح في عداد المحسوب عليهم من المفقودين. لا مواطن اليوم يعي مستقبله ومستقبل أجياله ولا الحزب، قوي حاليا سوى مع نفسه ومقربيه، وبرفقة قيادات تتلون كالحرباء كلما اقتربت عشيرة الخمس سنوات لتتمة عربون سنوات مضت، تاركة خلفها إخفاقات ماض مشترك.

قبل الإنتخابات احتجاجات ومظاهرات، وأفواه يستهويها التغيير أكثر ما تستهويها هذه الأيام الأوراق النقدية من فئة 200 درهم و100 درهم، والكل يطالع ويناشد لعل بعد العسر يحدث يسرا، غير أن هذا الفيلم كله مكفول لخدمة سيناريو واحد وأن الذي يحمل عكاز الحزب السياسي يعمد إلى إسناده للآخر، تحت لواء عطب واحد لا ينذر به أحد…

الاخبار العاجلة