في ظل تصاعد الانتقادات للخدمات البنكية في المغرب، كشف بنك المغرب عن تراجع كبير في عدد الوكالات البنكية خلال سنة 2024، بعد إغلاق 152 وكالة مقابل افتتاح 39 فقط، ليتقلص العدد الإجمالي إلى 5,701 وكالة، بعد أن كان 5,814 في سنة 2023.
هذا التراجع، حسب مصادر من القطاع البنكي، يرجع إلى ما وصف بـ”المنافسة غير المعقلنة” بين بعض البنوك، خاصة بين “البنك الشعبي المركزي” و”التجاري وفابنك”، اللذين انخرطا في سباق محموم لافتتاح وكالات جديدة دون دراسة جدوى دقيقة، مما أدى لاحقاً إلى إغلاق العديد منها بعد تبيّن ضعف مردوديتها.
وتفيد المعطيات بأن “الشركة العامة المغربية للأبناك” أغلقت 41 وكالة، و”البنك المغربي للتجارة والصناعة” أغلق 20 وكالة، ويرجع ذلك إلى تبنيها سياسة فرنسية صارمة تعتمد على تقييم مساهمة كل وكالة في الناتج البنكي الصافي، وفي حال ضعف هذه المساهمة يتم إغلاقها فوراً.
ورغم أن الرقمنة تُعتبر عاملاً أساسياً في تقليص الاعتماد على الوكالات البنكية في العديد من البلدان، إلا أن مصادر مهنية أكدت أن هذا العامل لا يزال ثانوياً في السياق المغربي، بالنظر إلى التحفظ العام لدى الزبناء تجاه الخدمات الرقمية البنكية، وغياب تغطية ملائمة في العديد من المناطق.
أما على المستوى الجغرافي، فقد كشف بنك المغرب عن تفاوت كبير في انتشار الوكالات بين الجهات، حيث تتصدر جهة الدار البيضاء-سطات بـ1612 وكالة، تليها جهة الرباط-سلا-القنيطرة بـ854 وكالة، ثم جهة فاس-مكناس بـ665 وكالة، بينما تتذيل جهة الداخلة-وادي الذهب الترتيب بـ32 وكالة فقط.
هذا الواقع يفتح باب التساؤل حول مدى ملاءمة السياسات التوسعية للبنوك مع حاجيات المواطنين، ويثير نقاشاً ضرورياً حول إعادة هيكلة قطاع يعاني من ضعف الثقة والفاعلية رغم أهميته في الدورة الاقتصادية الوطنية.