في تطور قضائي لافت، أصدرت محكمة النقض المغربية قرارًا حاسمًا يقضي بنقض حكم استئنافي سابق، كانت محكمتا الدرجة الأولى والثانية قد أصدرتاه برفض طلب تعدد تقدم به رجل متقاعد، بعد معركة قضائية استمرت لأزيد من عامين.
وتعود تفاصيل الملف إلى يناير 2021، حينما تقدم المعني بالأمر بطلب رسمي أمام المحكمة الابتدائية يلتمس فيه الإذن بالزواج من امرأة ثانية، مدعيا أن زوجته، التي ارتبط بها منذ 2011، ترفض الإنجاب لأسباب صحية، وهو ما يمنعه من تحقيق رغبته في إنجاب المزيد من الأبناء، خاصة أنه أنجب منها ابنة واحدة. كما أشار إلى تخوفه من الوقوع في المحظور في ظل هذا الوضع، مشدداً على تمسكه بالحل الشرعي والقانوني.
وأرفق الزوج طلبه بوثائق تثبت قدرته المالية على إعالة أسرتين، من ضمنها راتب تقاعدي يفوق 3700 درهم، ومداخيل إضافية من إيجار ومحل تجاري وتربية الماشية، إلى جانب موافقة خطية من زوجته الأولى مؤرخة في يناير 2021.
رغم هذه المعطيات، رفضت المحكمة الابتدائية الطلب بسبب غياب تقرير طبي يُثبت عقم الزوجة، وهو ما أيدته محكمة الاستئناف لاحقاً، معتبرة أن المبررات المقدمة غير كافية للسماح بالتعدد.
غير أن محكمة النقض كان لها رأي مغاير، إذ اعتبرت أن القرار الاستئنافي شابه قصور في التعليل، وأكدت أن المبررات المعتمدة في مدونة الأسرة لا تقتصر فقط على العقم أو المرض، بل تشمل أيضا ظروفا اجتماعية موضوعية، من بينها عدم رغبة الزوجة في الإنجاب، ما دامت الرغبة في إنجاب أطفال جديدة قائمة لدى الزوج.
وأبرزت المحكمة أهمية التحقق من قدرة الزوج المالية على ضمان العدل في النفقة والمعيشة، وهو الشرط الذي توفر حسب وثائق الملف، لتقرر في الأخير نقض الحكم وإحالته مجددًا على نفس محكمة الاستئناف للنظر فيه وفقًا للمبادئ التي أرستها.
ويعيد هذا القرار فتح النقاش حول حدود السلطة التقديرية للقضاة في قضايا التعدد، ومدى انسجام مدونة الأسرة مع الواقع الاجتماعي المغربي وتطلعات الأفراد، خاصة أن التعدد يظل في نظر المحكمة حقا استثنائيا مشروطا بمبررات واقعية وقانونية واضحة.