بقلم: الأستاذ محمد مصطفي
ما قام به وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت من اعتراف صريح بواقع النقل الحضري المتدهور في العديد من المدن المغربية، وخاصة المدن الكبرى التي ستستضيف المونديال، هو صفعة مدوية لكل من حاول إنكار هذه الحقيقة أو التستر عليها. فبعدما حاول بعض وزراء ومسؤولي الأغلبية التقليل من معاناة المواطنين مع حافلات مهترئة، مكتظة، وغير كافية، جاء تصريح وزير الداخلية ليؤكد ما يعيشه المغاربة يوميًا في فاس، القنيطرة، طنجة، تطوان وغيرها.
لكن الأخطر من ذلك، هو كيف تحوّلت رئاسة مجلس النواب إلى أداة لقمع الأصوات المعارضة، بدل أن تكون حامية للنقاش الحر والمسؤول! ما تعرضت له النائبة ريم شباط لم يكن سوى محاولة مكشوفة لتكميم الأفواه، وتصرف يعكس عقلية استعلائية غير ديمقراطية. فإذا كان وزير الداخلية قد أعاد بطريقة غير مباشرة طرح نفس الموضوع الذي أثارته النائبة البرلمانية، فإن هذا يؤكد بالملموس أن تدخلها كان في محله، وأن إحالتها على لجنة الأخلاقيات لم يكن سوى انتقام سياسي مكشوف لا يمت للأخلاق البرلمانية بصلة!
إن رئاسة مجلس النواب مطالبة اليوم بتقديم اعتذار رسمي للسيدة النائبة، لأن ما حدث يضرب في الصميم مصداقية المؤسسة التشريعية، ويبعث برسالة خاطئة مفادها أن البرلمان أصبح مكانًا لإسكات الأصوات الحرة بدل أن يكون فضاءً للنقاش الجاد والمسؤول.
إن المغاربة سئموا الخطابات المضللة، ويريدون أفعالًا لا أقوالًا. والحقيقة التي لا يمكن حجبها هي أن قطاع النقل العمومي في المغرب وصمة عار، وحان الوقت للاعتراف بذلك، بدل إنكار الواقع والانتقام ممن يفضحه.