قراءة تحليلية في قصة وحوار وسيناريو المدجة- تزرزاي -القلادة للكاتب والمخرج سعيد الناصري

قراءة تحليلية في قصة وحوار وسيناريو المدجة- تزرزاي -القلادة للكاتب والمخرج سعيد الناصري

سيناريو المدجة أو تزرزاي أو القلادة”، من كتابة سعيد الناصري، قصته أو حدوثته مستلهمة من الواقع المعيش يريد منها المخرج الذي يسكن سعيد الناصري،ابداع فيلم” سينمائي (دراميدي/ (dramedy، وهو مصطلح يجمع بين كلمتي “دراما” و”كوميديا”. بحيث يهدف هذا النوع من الأفلام إلى تقديم قصص تجمع بين العناصر الدرامية التي تتناول قضايا جادة أو عاطفية، وبين العناصر الكوميدية التي تضفي طابعاً خفيفاً ومرحاً على القصة ذات الصبغة الدرامية.

وعلى منوال هذا الجنس الدراميدي السينمائي يصور لنا سعيد الناصري الكاتب والمخرج قصة مدجة أو قلادة أو تزرزاي بالأمازغية  

هذه الحلية التي يشتم عبق أريجها من المملكات الأمازيغية القديمة التي منحتها قيمة تاريخية وتراثية أسالت لعاب بعض العصابات الإجرامية بالإضافة إلى مفارقة التوأم الذي كان ضحية، جريمة المتاجر في البشرة، حيث فرقت السبل بينهما في صفقة رخيصة لأحد المجرمين.

تحليل القصة والبنية:

البنية العامة: يتبع الفيلم بنية تقليدية ثلاثية (بداية، مواجهة، نهاية) مع تركيز على تطور الشخصيات نفسيا واجتماعيا ونسج علاقات متشعبة ومتشابكة إلى حد اللبس والإبهام ليبدع في خلق نوع من التشويق داخل الحكاية، وهي تقنية فنية لشد انتباه وتركيز المتفرج مدعمة للمواقف والمفارقات والمقاربات التي وظفها الكاتب في اللعبة الدرامية ، كي يغري المتفرج بالمغامرة في اقتحام ملعب اللعبة الدرامية، لتجعله يتكهن نتيجة بعض المواقف، والتي غالبا ما تصدمه النتيجة، لأن الكاتب يتعمد توظيف مفارقة الإيحاء المبطن والمقابلات المتضادة ،بدهاء وذكاء شديدين ، مستغلا مهارته الإخراجية وتوظيفها داخل النص،

البداية

جريمة بيع التوأم الأول لأحد أثرياء المدينة ليتبناه، عن حسن نية، ورصد لكل توأم فضاء اجتماعي ومحيط أسري يعيش فيه لتنموا شخصية كل واحد منهما في مفارقة طبقية صريحة بامتياز ليستغلهما كفئران تجربة، طارحا إشكالية تربوية خطيرة تندرج ضمن سؤال عريض: إلى أي حد يمكن للمحيط السوسيو- ثقافي والمحيط الأسري أن يؤثرا على نمو الشخصية البشرية ورسم معالمها؟ وبالموازاة مع كل هذا يستمر في تقديم الشخصيات الرئيسية والثانوية.

الوسط (المواجهة)

تتطور العلاقات وتتعقد أكثر، وتزداد معاناة التوأم حيث حشد الكاتب لكل واحد منهما عينة تخصه وتخص أفراد طبقته. ليحتدم الصراع في بداية الحبكة الأولى،إلى أن تطفو المدجة على سطح الأحداث، مع أطوار ومراحل نقلها من مكانها، بعدما تمت عملية صيانتها وترميمها على يد الصانع المغربي الأصيل. ليدخلنا الكاتب في متاهةعميقة ولذيذة يحقق من خلالها ما يسمى: بالدراميديا /dramedy. وبقدر ما يقهقه المتلقي البسيط على المواقف والمفارقات الهزلية المتدحرجة أمامه متتالية، بقدر ما يغوص المفكر والمثقف الملم بالتاريخ في أعماق هذه الحمولة الفكرية المشفرة، والتي تلمح وبإلحاح إلى إعادة قراءة التاريخ……؟

النهاية:

لا نقتصر فيها بالقول إنها كانت سعيدة سعادة سوداء، اختلطت فيها دموع الفرح ودموع الندم، وانتصر الخير على الشر وانتصر الحب على الكراهية وعادت المدجة تكمل حكاية مسيرتها التاريخ نحو المستقبل ……؟

الشخصيات الرئيسية:

توأم حقيقي مما يلزم تأدية هذين الدورين من طرف ممثل واحد يلعب بشخصيتين متباينتين بونا شاسعا وهما:

حمودة 1 (سعيد الناصري) مند طفولته إلى شبابه شخصية هشة مهذب له أخلاق وقيم رصيده من الذكاء الاجتماعي صفر لأنه عاش في برج عاجي وفي فمه ملعقة من ذهب لم تعركه الحياة كل هذا أفرز شخصية هادئة إلى درجة الاستسلام والجبن وعدم القدرة على المواجهة إلا أنه في الأخير يظهر تحولا ملحوظا يتجلى في الحاحه واسراره على استرجاع القلادة من الانعزال إلى التأثير الإيجابي.

حمودة 2: (سعيد الناصري): مند طفولته وإلى شبابه يتمتع بالحكمة، والقوة والشجاعة عركته الحياة وامتلك رصيدا مهما من الذكاء الاجتماعي يتحول من الفقر إلى البرجوازية الصغيرة بفضل عاميته ومجهوده وتحفيزات أمه العاطفية.

الحوار:

الواقعية: حوارات السيناريو تتميز بالعمق والدقة والواقعية، معبرة عن الفلسفات الشخصية والمواقف الحياتية المغربية.

التأثير: الحوار يساعد في بناء الشخصيات وتطوير العلاقات بينهم، مع المساعدة على تصور الأشياء غير المرئية.

الأسلوب: الأسلوب اللغوي في الحوار يعكس طبيعة الشخصيات، مما يضفي واقعية وأصالة على القصة.

الموضوعات الرئيسية:

الثيمات:

المتاجرة في البشر (بيع الرضع) بواسطة النصب والاحتيال.

التربية (المجتمع ومدى تأثره على نمو الشخصية.)

لفت النظر إلى التراث والموروث الثقافي ورأس المال اللامادي.

أماكن التصوير

مدينة فاس (المدينة القديمة بأزقتها الضيقة وعبق تاريخها الغني بالملاحم التاريخية ومهد الحضارة الإسلامية المغربية) ومدينة افران الجميلة والأنيقة عروسة جبال الأطلس.

 الكاتب لم يختر هذه الأماكن بشكل اعتباطي أو مجاملة لأهل فاس وافران، بل العكس أن الاختيار كان مدروسا بدقة وبشكل علمي لما تحمل الحكاية من حمولة تاريخية قوية تربط الماضي البعيد بالماضي القريب ترويها حبات تزرزاي بكل فخر واعتزاز والتي كانت على وشك أن يفرط عقيقها بين فاس وافران على أيدي من دأبوا على سرقة تراثنا.

الرسائل: يعكس الفيلم قوة الأمل والإصرار على الرغم من الظروف القاسية، وكيف يمكن للإنسان أن يغير حياته إلى الأفضل.

السياق الثقافي: يقدم السيناريو نقداً للنظام الاجتماعي، مع تسليط الضوء على شخصية الإنسانية داخل الأسرتين الغنية والفقيرة.

التقييم الشخصي:

النقاط القوية: سيناريو متماسك، حوارات قوية، شخصيات متعددة الأبعاد، رسائل ملهمة.

النقاط الضعيفة: بعض المشاهد قد تكون بطيئة لبعض المشاهدين ومكلفة.

الانطباع العام: فيلم مؤثر وملهم في طياته حمولة فكرية تنم على فلسفة عميقة تود نفض الغبار على بعض الصفحات التاريخية.

السيناريست والناقد:

عبد الرحيم بقلول

الاخبار العاجلة