هل ستبدأ ثورة اخرى في تونس وسط تعقيدات المشهد السياسي

هل ستبدأ ثورة اخرى في تونس وسط تعقيدات المشهد السياسي

أثارت مجموعة من المقالات والمبادرات التي طرحتها شخصيات سياسية وأكاديمية ومدنية تونسية في الآونة الأخيرة جدلاً واسعًا في الساحة السياسية، بعد أن دعت إلى تجاوز منطق الإقصاء والاستقطاب الأيديولوجي الذي طبع الحياة السياسية لعقود، وفتح صفحة جديدة قوامها الحوار والاعتراف المتبادل.

وبينما رأى مؤيدو هذه الدعوات فيها خطوة مهمة نحو إطلاق ديناميكية جديدة تعيد الحيوية للمشهد العام وتمنح العملية السياسية أفقاً جديداً، عبّر آخرون عن شكوكهم حيال خلفيات بعض الأطراف الداعية للحوار، مستحضرين أدوارهم السابقة في إعاقة الانتقال الديمقراطي، في حين اعتبر فريق ثالث أن البيئة الحالية لا تتيح فرصًا حقيقية لنجاح مثل هذه المبادرات.

وتعيد هذه الدعوات للأذهان تجارب سابقة في تاريخ تونس السياسي، أبرزها مبادرة حركة النهضة عام 1981 التي دعت إلى الحوار والانفتاح، و”الميثاق الطلابي الموحد” عام 1984 الذي دعا إليه طلبة الاتجاه الإسلامي، ثم حراك 18 أكتوبر 2005 الذي جمع أطيافًا من المعارضة حول مطالب مشتركة تتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان.

ورغم النجاحات التي حققتها هذه المحطات في تعزيز ثقافة الحوار، إلا أن مرحلة ما بعد الثورة شهدت عودة الاستقطاب الأيديولوجي بشكل أشد، لاسيما داخل “الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة” التي تحولت، وفق مراقبين، إلى ساحة صراع بين العلمانيين والإسلاميين، وأسفرت عن مخرجات قيدت مشاركة حركة النهضة في الحكم رغم تصدرها نتائج الانتخابات.

ويرى محللون أن فشل النخب في البناء على تجربة “هيئة 18 أكتوبر” وتغليبها لمنطق الإقصاء بعد الثورة، ساهم في تقويض التجربة الديمقراطية وأفسح المجال لانقلاب 25 يوليو 2021 الذي أطاح بمكتسبات المرحلة السابقة.

وفي ظل هذا الواقع، تطرح التساؤلات مجددًا حول ما إذا كانت المبادرات الحالية قادرة على بعث روح جديدة في المشهد التونسي، ووضع حد لحالة الانسداد السياسي، خاصة في ظل استمرار تهميش الأحزاب والمنظمات، وتراجع منسوب الثقة بين الفاعلين.

Breaking News