رحم الله فاس…لا نملك لها إلا الدعاء !!.

مصطفى مجبر22 يوليو 2024
رحم الله فاس…لا نملك لها إلا الدعاء !!.
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

مصطفى مجبر

في زوايا مدينة فاس العتيقة، تتسلل الجريمة في كل منعطف وزقاق، وكأنها تسرق من هذه المدينة العريقة رونقها وأمانها. هذه المدينة التي كانت يوماً ما منارة للعلم والثقافة، باتت تعاني اليوم من ظاهرة متفشية تهدد حياة مواطنيها بشكل يومي.

السرقات والاعتداءات العنيفة التي تصل إلى حد القتل لم تعد مجرد أحداث متفرقة، بل أصبحت واقعا يوميا يعايشه سكان المدينة.

غياب الحضور الأمني الفعّال يجعل من الجريمة أمرا يسيرا وسهلا، حيث يجد المجرمون في الظلام الدامس شريكا لهم، وللأسف حتى في ضوء النهار. إنارة الشوارع التي تعد ضرورة أساسية للحفاظ على الأمن، هي جزء مفقود من المشهد اليومي في فاس،هذا النقص يجعل المواطن الفاسي يشعر وكأنه يسير في دروب مجهولة، محفوفة بالمخاطر، لا يدري متى وأين سيواجه الخطر التالي.

في فاس حقا، تزايدت حالات الجريمة بشكل مقلق، مع غياب ملحوظ للحضور الأمني والرقابة الفعالة. السرقات والاعتداءات التي تصل إلى حد القتل أصبحت مأساوية ومزعجة للغاية، مما يثير السؤال الحاد: لماذا تعاني فاس بهذا الشكل الخاص؟

المواطن الفاسي، الذي يجب أن يشعر بالأمان والاستقرار في مدينته، يجد نفسه اليوم بلا حماية ولا رعاية. فهل فقد المواطن الفاسي قيمته؟ هل تحولت

غير ذلك، فالإنارة العامة المنعدمة، وغياب النظافة، وعدم وجود نظام أمني فعال، جميعها عوامل تساهم في تفاقم المشكلة. إنها مدينة تاريخية بأرض خصبة للثقافة والسياحة، ولكنها بحاجة ماسة للعناية والاهتمام من أجل استعادة هيبتها وأمن سكانها.

لا بد من تحليل جذري وحاسم لهذه المشاكل، وتوفير الحلول العملية والفعالة، لأن الأمان والنظافة هما أساس الحياة الكريمة والإصلاح الجذري.

تخيل نفسك تعيش في مدينة حيث النظافة باتت حلما بعيد المنال، والأمن شبه غائب كليا، والمواطن لا يملك إلا أن يخشى على حياته وممتلكاته في كل لحظة. أين قيمة الإنسان في مثل هذه الظروف؟ هل أصبح المواطن الفاسي مجرد رقم آخر في إحصائيات الجريمة؟ لماذا لا يتمتع المواطن في فاس بالأمان الذي هو حق أساسي لكل فرد؟

إن التفكك الاجتماعي والاقتصادي يلعبان دورا كبيرا في هذا الوضع المتأزم. غياب الفرص الاقتصادية وقلة البرامج الاجتماعية الداعمة تساهم في دفع بعض الأفراد إلى الطريق الخطأ. ومع تزايد البطالة والفقر، يصبح اليأس حليفا للكثيرين، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الجريمة بشكل كبير.

المواطن الفاسي، الذي كان يفخر بمدينته وتاريخها، يجد نفسه اليوم محبطا ومهمشا..معظم منتخبيه يقبعون بالسجن متهمين بالرشوة وتبديد المال العام و..

هذا المواطن الذي يمر يوميا بين أزقة المدينة، يواجه تحديات لا تنتهي، بدءا من القمامة المتراكمة في الشوارع وصولا إلى خطر الاعتداءات والتعرض القتل في اي لحظة.. ماذا تبقى له؟ أين هو الأمل في غد أفضل؟

يا سادة يا كرام، إن الحل لا يكمن في العقاب وحده، بل في تبني استراتيجية شاملة تركز على إعادة الأمل والكرامة للمواطنين.. يجب تعزيز الحضور الأمني بطرق فعالة ومبتكرة، وتوفير الإنارة العامة اللازمة، والاهتمام بنظافة المدينة، وتقديم برامج اجتماعية واقتصادية تتيح فرصا حقيقية للشباب والمواطنين عموما… بذلك، ربما.. يمكن أن نعيد لفاس جزءا من بريقها المفقود، ونمنح سكانها الشعور بالأمان والانتماء.

فاس تستحق الأفضل، ومواطنوها يستحقون العيش بكرامة وأمان. إنها دعوة إلى السلطات والمجتمع ككل للوقوف صفا واحدا في مواجهة هذا التحدي، والعمل من أجل مستقبل أكثر إشراقا لهذه المدينة العريقة.

إن مدينة فاس، بتراثها العريق وجمالها الذي لا يضاهى، لا تستحق أن تختزل في قصص الجريمة والفوضى.. بل يجب أن تكون مرآة تعكس الأمان والكرامة لكل مواطن فيها. هذه المدينة، التي علمت الأجيال فنون العلم والأدب، تحتاج اليوم لمن يمد يده لينتشلها من براثن الظلام ويعيد لها ضوءها الساطع.

على الجميع أن يتكاتفوا، من سلطات ومواطنين، من أجل بناء مستقبل يليق بفاس وتاريخها. لن يكون الأمر سهلا، ولكنه ممكن بالعزيمة والإصرار. وعدا ذلك فلا نملك لفاس الا الدعاء!.

الاخبار العاجلة