في خطوة حاسمة طال انتظارها، دخلت وزارة الداخلية مرحلة جديدة من الحزم في مواجهة الفساد الذي ينخر دواليب عدد من الجماعات الترابية بالمملكة، عبر تحريك ملفات ثقيلة طالت رؤساء جماعات ومنتخبين حاليين وسابقين، وذلك في ظل استنفار إداري وقضائي شمل عدة أقاليم.
التحقيقات التي قادتها الفرق الجهوية للشرطة القضائية والدرك الملكي امتدت إلى أقاليم من بينها وزان، وسيدي سليمان، والخميسات، والقنيطرة، وأزيلال، حيث جرى الاستماع لعدد من المسؤولين الجماعيين، من ضمنهم مدير مصالح سابق، وتقنيون، ورؤساء مصالح، بناء على تعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وبالاستناد إلى تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية.
وتُظهر هذه التطورات تحوّلاً في طريقة التعامل مع شكاوى الفساد، حيث لم يعد الأمر يتوقف عند تبادل المراسلات، بل صار يشمل استدعاءات رسمية وتحقيقات ميدانية قد تؤول إلى عزل المنتخبين وإحالة ملفاتهم إلى القضاء.
التحرك لم يقتصر على التحقيق، بل شمل أيضاً خطوات عملية صارمة، من قبيل توقيف منتخبين وتوجيه استفسارات رسمية لآخرين، في انتظار استكمال المساطر الإدارية والقضائية، خاصة في ملفات تتعلق بتجاوزات في التعمير، وتوزيع الرخص، وتدبير الممتلكات الجماعية بطرق مشبوهة.
وتأتي هذه الحملة في سياق تنفيذ رؤية رقابية متواصلة تهدف إلى تخليص الإدارة الترابية من جيوب الفساد وسوء التدبير، مع الإشارة إلى أن القوانين الجديدة منحت القضاء سلطة العزل بدل سلطات الوصاية، ما يمنح هذه الحملة طابعاً قضائياً صارماً يُنذر بتداعيات كبرى.
مصادر مطلعة أكدت أن ما يجري ليس مجرد حملة موسمية، بل بداية مسار طويل يضع المفسدين في مرمى المحاسبة، استجابة لمطالب شعبية متزايدة تدعو للشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.