حافلات مهترئة يقدمها مهرجان فاس للموسيقى الروحية.. صورة براقة وخدمات متدنية

الصحفيون القادمون من خارج فاس، والذين تكلف المهرجان بنقلهم بوسائل نقل تليق ببريق الصورة، يتم نقلهم يوميا بحافلات مهترئة وصدئة لا تليق حتى بنقل فرق موسيقية شعبية في قرى نائية

حافلات مهترئة يقدمها مهرجان فاس للموسيقى الروحية.. صورة براقة وخدمات متدنية
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

في كل عام، تتزين فاس بفعاليات مهرجان الموسيقى الروحية، مهرجان يفترض أن يكون جسرا للتسامح والتلاقي بين الشعوب والثقافات..، لكن ما يحدث في الكواليس، وما يعانيه الصحفيون المحليون والضيوف، يحول هذا الحفل من مناسبة ثقافية راقية إلى نموذج صارخ للتهميش وسوء التدبير، وكأن “الروح” التي يفترض أن يكرمها المهرجان قد أُهدرت تحت أقدام المحسوبية والتمييز.

من حيث الشكل، يبدو المهرجان براقا كعادته، بأضوائه وعروضه وميزانيته التي تفوق الخيال، إذ يكفي أن نشير إلى أن جماعة فاس وحدها قدمت دعما بظرف وقدره 400 مليون سنتيم..، لكن في العمق، يكتشف واقع مرّ وصادم، خصوصا بالنسبة للصحفيين الذين يفترض أن يكونوا شركاء في نقل الصورة وليس ضحايا داخلها.

الصحفيون القادمون من خارج فاس، والذين تكلف المهرجان بنقلهم بوسائل نقل تليق ببريق الصورة، يتم نقلهم يوميا بحافلات مهترئة وصدئة لا تليق حتى بنقل فرق موسيقية شعبية في قرى نائية، فما بالك بضيوف إعلاميين يفترض احترامهم وتقديرهم بينما خصصت سيارات سوداء تحمل شعار الدورة لاشخاص اخرين.. قد يكونون أكثر أهمية من الصحفيين بالنسبة لإدارة المهرجان.. فلكل مقام مقال!.

أما صحفيو فاس، فهم كعادتهم خارج الحسابات كما خارج التغطية، يتعرضون لتهميش ممنهج، كل سنة يراجعون كتاب “تهافت التهافت”؛ حيث يجدون صعوبة بالغة في الحصول على “البادج” الذي يخول لهم تغطية الفعاليات، وإن حصلوا عليه، فإنهم لا يحظون حتى بقارورة ماء، رغم حرارة الصيف والساعات الطويلة التي يقضونها في أداء مهامهم.

هذه الممارسات ليست مجرد تفاصيل تنظيمية، بل هي مؤشر واضح على غياب رؤية عادلة وتشاركية في تدبير مهرجان يفترض أن يعكس صورة حضارية عن مدينة فاس، والمؤسف أكثر، أن الميزانيات تصرف بسخاء على الجوانب الشكلية، فيما يعامل الإعلام المحلي باحتقار مبالغ فيه، وهو الذي كان ولا يزال الرافعة الحقيقية لكل حدث ثقافي في المدينة.

ولعل ما حدث مع البرلمانية والأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، التي حضرت رفقة زوجها إحدى سهرات الدورة 28 للمهرجان، يفضح أكثر طبيعة التسيير: فقد تم منحها مقعدا بعيدا جدا عن المنصة، في تجاهل تام لمكانتها الرمزية والسياسية، ما أثار استياءها واستياء عدد من الحاضرين..، فإذا كانت شخصية عامة مثل منيب تعامل بهذه الطريقة، فكيف يعامل المواطن العادي أو الصحفي المحلي؟

إن مهرجان فاس للموسيقى الروحية يحتاج إلى مراجعة عميقة، ليس فقط في برمجته، بل في فلسفة تنظيمه وأولوياته؛ فالفن لا يبنى على الواجهة فقط، بل على احترام الإنسان، وخصوصا من يساهمون في إنجاح المهرجان دون أن يكافَؤوا إلا بالتجاهل والتهميش.
وخلاصة القول، فقد تعبنا من هذه الخزعبلات والعشوائيات، فقد آن الأوان لإعادة الروح الحقيقية للمهرجان، روح الإنصاف والكرامة، لا البهرجة الفارغة والتشدق بالروحانيات، ويكفي تأملا ان الحدث ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، فيكفي شرف الرعاية السامية والتدبر في تحمل ثقل المسؤولية.

الاخبار العاجلة