فاس بين حافلات مهترئة ووعود مؤجلة.. متى يتحمل العمدة مسؤوليته؟

فاس بين حافلات مهترئة ووعود مؤجلة.. متى يتحمل العمدة مسؤوليته؟
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

لم تعد أزمة النقل الحضري في مدينة فاس مجرّد خلل تقني أو إداري عابر، بل أصبحت عنوانًا لفشل مدوٍّ في تدبير قطاع حيوي يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية لآلاف المواطنين. لأكثر من عقد من الزمن، خضعت المدينة لهيمنة شركة “سيتي باص”، التي حولت شوارعها إلى مسرح لحافلات متهالكة وخدمات متدهورة، في غياب أي محاسبة حقيقية من المسؤولين المحليين.

واليوم، وبينما تعلن الجماعة عن قرب نهاية العلاقة مع “سيتي باص”، نجد أنفسنا أمام نفس المشهد المتكرر: قرارات غامضة، تصريحات إنشائية، وغياب كامل للرؤية الإستراتيجية. عمدة المدينة، عبد السلام البقالي، لم يقدم للرأي العام أي توضيحات مقنعة بشأن تفاصيل المرحلة المقبلة، مكتفيًا بتصريح مقتضب يبشر بقدوم حافلات جديدة “نهاية الشهر”، دون تحديد هوية الشركة الجديدة ولا ضمانات الجودة والاستمرارية.

أليس من حق الساكنة أن تعرف من سيدير هذا القطاع الحساس؟ وأين كانت الجماعة طوال السنوات الماضية وهي تشاهد التدهور الكارثي في خدمات النقل دون تحرك حقيقي؟ كيف يمكن الوثوق في نفس النهج العشوائي ونحن نقترب من استحقاقات كبرى مثل احتضان المدينة لكأس إفريقيا؟

الواقع أن غياب الشفافية والتواصل الفعّال من طرف العمدة، يكرس شعورًا متناميًا لدى المواطنين بأن تدبير الشأن العام في فاس يخضع لمنطق الارتجال لا التخطيط، ولحسابات سياسية ضيقة لا لمصالح الساكنة.

ثم إن الحديث عن مشروع “الباصواي” في ظل هذا الفشل الذريع في تسيير النقل العادي، يثير التساؤل: كيف نطمح إلى باصواي عصري ونحن عاجزون عن ضمان حافلة نظيفة وآمنة للطلبة والعمال كل صباح؟

إذا كانت وزارة الداخلية قد قررت تحمل مسؤولية اقتناء الحافلات الجديدة، فإن الجماعة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة بناء الثقة، ووضع خارطة طريق واضحة، والأهم من ذلك: تقديم الحساب.

ففاس تستحق أفضل من مجرد ترقيع مؤقت وخطابات مطمئنة. فاس تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وإدارة مسؤولة تنصت، تخطط، وتنجز.

Breaking News