مهرجان السلام والتسامح في زايدة: حين يتوارى التسامح خلف ستار الغموض والهدر المالي”

مصطفى مجبر17 أغسطس 2024
مهرجان السلام والتسامح في زايدة: حين يتوارى التسامح خلف ستار الغموض والهدر المالي”

الهاشمي خضراوي

في زايدة، حيث كان من المفترض أن يسطع نور “السلام والتسامح”، بدا أن هذا النور قد انطفأ وسط ظلال الغموض والارتباك. مهرجانٌ عُلِّقت عليه الآمال لنشر قيم التسامح، لكنه بدلا من ذلك أثار عاصفة من التساؤلات الحارقة حول مصير الملايين المهدرة والتنظيم المهتز… ففي قلب هذا الحدث، تنكشف صورة قاتمة لإدارة مرتجلة وميزانية تتبخر في الهواء، تاركة وراءها علامات استفهام لا تجد من يجيب عنها. في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأكبر: هل كان المهرجان فعلاً دعوةً للسلام أم مسرحية هزلية تُخفي وراءها فوضى وارتباك؟

في زايدة، حيث المهرجان يحمل اسماً براقاً كـ”السلام والتسامح”، يبدو أن بعضا من صانعي القرار يحتاجون إلى درس سريع في “الشفافية والإدارة”. العنوان قد يوحي بمهرجان يهدف إلى نشر قيم التسامح، لكن ما يظهر على السطح هو غموض يلفه الكثير من التساؤلات الحارقة حول التمويل والتنظيم. فكيف لمهرجان يعلن عن ميزانية ضخمة تصل إلى 40 مليون سنتيم، أن ينتهي بتقديم سهرات فنية متواضعة بتكلفة لا تتجاوز 5000 درهم للفنان الواحد؟

في عالم الفن، قد يكون هناك فنانون مستعدون للغناء بدراهم معدودة، ولكن هل تتطلب الفجوة بين الميزانية والتكاليف كل هذه الملايين؟ أين ذهبت هذه الملايين؟ هل اختفت في تنظيم غير مرئي، أم أنها ضاعت في زواريب البيروقراطية والتخبط الإداري؟

ثم يأتي دور التنظيم، الذي يبدو وكأنه تم على عجلٍ وبلا خطة واضحة. غياب التخطيط وسوء الإدارة كان لهما تأثير سلبي واضح على هذا الحدث، مما جعل “السلام والتسامح” يتحول إلى “الارتباك والغموض”. ومما يزيد الطين بلة، أن مجلس درعة تافيلالت قدم التمويل المباشر، في حين قام المجلس الإقليمي لميدلت بتقديم دعم لوجستي، بينما ساهم المجلس السياحي بستة ملايين سنتيم أخرى. وبالرغم من هذا التدفق المالي، يبدو أن “السلام” كان مغيبا و”التسامح” بات مرادفا للتسامح مع الفوضى.

ولعل ما تبقى الآن هو انتظار ندوة صحفية قد تكشف الستار عن أسرار المهرجان. أو لعلها ستكون مجرد محاولة أخرى لصرف الأنظار عن الحقيقة. ففي النهاية، الشفافية والتوضيح ليسا على ما يبدو جزءا من قاموس هذا المهرجان، الذي قد يحتاج لجرعة من “التنظيم” أكثر من “التسامح”.

ختاما، يبقى مهرجان “السلام والتسامح” في زايدة عنواناً صارخاً للتناقضات التي تعصف بالمشهد الثقافي في المنطقة. فما بين وعود براقة وأداء باهت، يظهر أن قيم التسامح والشفافية، التي يدعي المهرجان تجسيدها، قد ضاعت وسط ضباب الغموض وسوء الإدارة. فهل ستبقى التساؤلات حبيسة الصمت، أم سيأتي يوم تكشَف فيه الحقيقة عن مصير هذه الملايين المهدورة؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، لكن ما هو مؤكد الآن أن “السلام” لا يمكن أن يبنى على أرضية من الغموض والتردد.

الاخبار العاجلة