خنيفرة المنسية بين ألم الإهمال وحق الحياة

مصطفى مجبر3 يونيو 2024
خنيفرة المنسية بين ألم الإهمال وحق الحياة
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

في إقليم خنيفرة، حيث يتعاظم الأمل ويكمن اليأس في عيون سكانه، تتجلى أزمة صحية خانقة تهدد حياة الآلاف من الأبرياء. عشرون جماعة ترابية وأكثر تعاني بصمت من نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية، في مشهد يتكرر يوميا دون أفق لتحسن قريب. المرضى، في بحثهم المستميت عن الرعاية، يصطدمون بجدران مستشفى إقليمي يفتقر لأبسط التخصصات الطبية الضرورية. بين ألم الانتظار وعناء السفر إلى مدن بعيدة طلبا في الاستشفاء، تتعاظم معاناتهم ويستشري اليأس في نفوسهم كل يوم بل وكل لحظة وجع.. هذه الكارثة الإنسانية تطرح تساؤلات ملحة حول مصير سكان هذا الإقليم المنسي، وحول المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات المعنية التي يبدو أنها أدارت ظهرها لمعاناتهم

في ظل هذه الظروف القاسية التي تعيشها ساكنة أكثر من عشرين جماعة ترابية بإقليم خنيفرة، يبدو أن المستشفى الإقليمي قد تحول إلى رمز للفشل المؤسسي والصحي. الوضع الصحي المزري الذي يعاني منه الإقليم لا يعكس سوى سياسة الإهمال المستمرة ونقص الإرادة الحقيقية لتحسين الخدمات الصحية الأساسية. فكيف يعقل أن يكون هناك نقص في التخصصات الطبية الهامة مثل أمراض الكلى والتوليد وطب الإنعاش والتخدير في مستشفى إقليمي يخدم آلاف المواطنين؟

إن وجود طبيب واحد فقط في تخصص حيوي مثل طب الإنعاش والتخدير ليس إلا دليلا صارخا على حجم الإهمال والتقصير، ومدى كم اللامبالاة بصحة المواطن الخنيفري.. هذا الطبيب الذي يعمل بشكل مستمر يمثل صورة مأساوية للوضع الصحي في الإقليم، حيث يدفع المرضى ثمنا باهظا لهذا التقصير، سواء من خلال اضطرارهم للسفر إلى مدن أخرى مثل فاس وبني ملال ومكناس وآزرو، أو من خلال زيادة فترات الانتظار وتأخير الفحوصات والعمليات الجراحية، للذين يتعذر عليهم السفر طلبا للعلاج، مما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم الصحية وزيادة معاناتهم.

والحق كل الحق، أنه من غير المقبول في عصرنا الحالي أن تظل الفئات الهشة، التي لا تستطيع اللجوء إلى القطاع الخاص، تحت رحمة نظام صحي متهاوي لا يلبي احتياجاتهم الأساسية..
إن غياب التخصصات الطبية الأساسية لا يعكس سوى ضعف التخطيط وسوء الإدارة، وعدم الاستجابة للاحتياجات الملحة للسكان، واقولها حقهم في التطبيب..، لذلك، فإن هذا الوضع الكارثي يستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المسؤولة لتوفير الكوادر الطبية المتخصصة والمعدات اللازمة، وضمان وصول الخدمات الصحية إلى جميع المواطنين بشكل عادل ومنصف.

ومن هنا ندق ناقوس الخطر وبقوة، فإذا ما استمر هذا الوضع على حاله، فإننا نشهد مزيدا من التدهور في صحة السكان، مما سيؤدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، لأن المسؤولية تقع على عاتق كل من الجهات الحكومية والمحلية، وعليهم اتخاذ خطوات جادة وفورية لتحسين الوضع الصحي في إقليم خنيفرة، وإلا فإنهم سيظلون يتحملون مسؤولية معاناة المواطنين وأرواحهم التي تزهق نتيجة هذا الإهمال الفاضح.

إن معاناة سكان إقليم خنيفرة من نقص الخدمات الصحية ليست مجرد مشكلة محلية، بل هي جرح نازف في ضمير الإنسانية..، لمن يعبأ لها طبعا، لأنه وللأسف وبكل بساطة فإن هذه الأزمة تكشف عن تقصير مؤسساتي فادح وغياب تام للعدالة الصحية والحق في الحياة.. وفي ظل استمرار هذا الوضع، تزداد معاناة الفئات الهشة وتتعرض حياتهم للخطر يوميا وفي كل لحظة..، إن المطالبة بتوفير الخدمات الصحية الأساسية هي حق مشروع لكل مواطن، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل من الجهات الحكومية والمحلية، وعليه، فإن لم يتم التحرك فورا لتدارك هذا الوضع المأساوي والكارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإن التاريخ لن يرحم، وسيظل يذكر بألم وإدانة تجاهلا أودى بحياة الأبرياء وأثقل كاهل الضعفاء. فلنترفع عن التجاهل، ولنكن صوتا لمن لا صوت لهم، حتى ينال سكان إقليم خنيفرة حقهم في حياة كريمة وصحية.

الاخبار العاجلة