هكذا أصبح فاتح ماي عيدا للعمال في العالم

هكذا أصبح فاتح ماي عيدا للعمال في العالم

يحتفل العالم في الأول من شهر ماي من كل سنة بيوم العمال العالمي، ويسمى أيضا بيوم العمل، واليوم العالمي للتضامن مع الطبقة العاملة، وعيد الشغل بالمغرب، وهو يوم عطلة في كثير من البلدان. فكيف تم اعتماد هذا اليوم عيدا يحتفل به العالم كل سنة؟
تُشير أغلب الدراسات إلى أن فكرة عيد العمال تعود إلى القرن التاسع عشر في أستراليا وبالضبط سنة 1856، وكانت الطبقة العاملة تعاني خلال هذه الفترة من الاشتغال ما بين 10 و16 ساعة يوميا دون مراعاة للأمن الصناعي أو الصحي، كما كان تشغيل الأطفال شائعا.

بعد انطلاق الفكرة من استراليا انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو سنة 1886 بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا.

تم الاحتفال بأول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية في 5 شتنبر من سنة 1882 بمدينة نيويورك، وتم اعتماد هذا اليوم بإيعاز من زعيم العمال الأمريكي بيتر ماكغواير، الذي نقل هذه الفكرة من كندا بعد حضوره احتفالا بهذه المناسبة أقيم في مدينة تورونتو.

وساهم نضال العمال في كندا باعتماد قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد سنة 1872.

نظم عمال أمريكيون بولايتي شيكاغو وتورنتو إضرابا عن العمل يوم فاتح ماي من سنة 1886، شارك فيه حوالي 400 ألف عامل، طالبوا خلاله بتحديد ساعات العمل في ثماني ساعات تحت شعار “8 ساعات عمل، 8 ساعات نوم، 8 ساعات للراحة والاستمتاع”.

هذه المطالب قوبلت بالرفض من طرف أرباب العمل والسلطات، بعد أن حققت الدعوة للإضراب نجاحا مهما وشلت الحركة الاقتصادية، فواجهت الشرطة هذه الاحتجاجات بالقمع وقامت بفتح النار على المتظاهرين وقتلت عددا منهم، حيث سُميت هذه الأحداث بـ “هايماركت”.

وفي وسط هذه الاحتجاجات تم إلقاء قنبلة في وسط تجمع للشرطة من طرف مجهول، مما تسبب في مقتل 11 شخص بينهم 7 من رجال الشرطة، حيث اعتُقل على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحكم على أربعة منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن، وتكررت هذه الحادثة خلال إضراب عمالي آخر سنة 1894 عُرف بـ”إضراب بولمان” الذي قُتل خلاله عمال، هذه المرة على أيدي الجيش الأميركي.

شكلت الحركات الاحتجاجية ضغطا كبيرا على الرئيس الأمريكي حينها، غروفر كليفلاند، مما دفعه للسعي إلى المصالحة مع حزب العمال، عبر تشريع عيد العمال، وإعلانه عطلة رسمية في البلاد، تخليدا لذكرى “هايماركت”.

وبعدها تمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأمريكيون ومن وصفوا بالفوضويين، بإحياء يوم الأول من ماي وتنظيم مظاهرات ومسيرات، وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي هذا اليوم، يوم وفاء لذكرى هايماركت، ليعلن الرئيس الأميركي حينها دوايت أيزنهاور الأول من ماي يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات و مسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية.

ويعتبر فاتح ماي يوم إجازة رسمية في أزيد من مائة دولة، منها المغرب، وتعتبره الحركات والنقابات العمالية فرصة لتدارس أحوال الطبقة العاملة، ورفع مطالبها في مسيرات وتظاهرات عامة، وبعد الاكتفاء بالاحتفال بهذا اليوم افتراضيا خلال السنتين الأخيرتين بفعل إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا، قد تشهد أغلب مدن العالم هذه السنة مسيرات ومهرجانات شعبية، تحمل شعارات تشيد بدور العمال، وتطالب بحقوقهم، وبالعدالة في أجورهم.

وبعد سنتين من الاحتفال بعيد العمال افتراضيا بفعل جائحة كورونا، يستعد العمال بالمغرب، على غرار نظرائهم عبر العالم، لتخليد هذه المناسبة، آملين تحقيق مجموعة من المطالب الاجتماعية التي ظلت معلقة، وعلى رأسها الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية عبر الزيادة في الأجور، ومراجعة النظام الضريبي، ومأسسة الحوار الاجتماعي، إضافة إلى دعم القطاعات الاجتماعية الإنتاجية والمواد الاستهلاكية.

الاخبار العاجلة