قبل أيام من حلول عيد الأضحى، يشهد سوق اللحوم بالمغرب موجة غلاء غير مسبوقة، حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء إلى ما بين 130 و150 درهماً. هذا الارتفاع الجنوني يأتي في ظل تهافت الأسر المغربية على اقتناء كميات كبيرة استعداداً للمناسبة، في مشهد يعكس مزيجاً من الهلع الاستهلاكي وسوء تدبير السوق.
وسط هذا الزخم، وجدت محلات الجزارة نفسها عاجزة عن مجاراة الطلب المتصاعد، فيما تعاني المجازر الكبرى من ضغط خانق نتيجة تحديد عدد رؤوس الماشية المسموح بذبحها يومياً. نقص المعروض وارتفاع الطلب تسببا في خلق حالة من الندرة، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة، حيث تعمد بعض الأسر إلى شراء ما يصل إلى 20 كيلوغراماً دفعة واحدة.
وفي ظل هذا الارتفاع اللافت، سجلت بعض المنتجات الحيوانية الأخرى تراجعاً في الأسعار، على غرار “الدوارة” التي انخفض ثمنها إلى حوالي 300 درهم بعد أن تجاوز 600 درهم سابقاً، بفعل استيراد كميات مهمة من الخارج، خاصة من السوق الإسبانية. ورغم هذا التدخل، فإن الكميات المستوردة لم تكن كافية لضبط السوق، في ظل تقديرات خاطئة من قبل المستوردين الذين فشلوا في موازنة العرض مع الطلب.
من جهة أخرى، أفرز تغير سلوك المستهلك المغربي خلال هذه الفترة نوعاً من الفوضى في السوق، إذ أضحى الإقبال يتم بشكل مبكر ومكثف، مدفوعاً بإشاعات عن نقص مرتقب في اللحوم، رغم تطمينات المهنيين بأن محلات الجزارة ستواصل نشاطها بعد العيد، على عكس ما كان سائداً في سنوات سابقة. واقع يطرح تساؤلات كبرى حول غياب آليات ضبط الأسعار، وترك المواطن فريسة لجشع الوسطاء وتجار الأزمات.