
بقلم: مصطفى مجبر
مرة أخرى، يطعن شغف الجمهور المغربي في كرامته، لا لشيء سوى لأنه تجرأ على الحلم بحضور مباراة ودية بين المنتخب الوطني ونظيره التونسي في ملعب فاس الكبير. عشر دقائق فقط كانت كافية لتختفي آلاف التذاكر، وكأننا في سباق مع الأشباح.. أما الأسعار، فقد ارتفعت إلى حدود 600 درهم، في مباراة لا تحسم تأهلا ولا تتوج ببطولة، بل هي مجرد لقاء إعدادي!
فما الذي يحدث؟ من يعبث بجيوب الجماهير؟ ومن سمح بتسليع الشغف الوطني إلى هذا الحد من الوقاحة؟
ما وقع ليس مجرد ارتباك في التنظيم أو ضغط على المنصة الرقمية، بل هو عنوان لفوضى منظمة يتقاسم فيها “السماسرة الجدد”.. أنهم “ الفراقشية” الذين اصبحوا في كل مكان يتسمسرون.. وهنا غنيمة التذاكر، بين من يملكون الأدوات التكنولوجية لاختراق المنصة في ثوانٍ، وبين من يتاجرون في الشوق إلى رؤية الأسود من المدرجات.
المثير للغضب ليس فقط نفاد التذاكر بشكل “سحري”، بل ظهورها بعد دقائق على مواقع التواصل بأسعار مضاعفة في السوق السوداء، في غياب تام لأي مراقبة أو محاسبة.. أين هي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟ أين هو الالتزام بحماية صورة المنتخب كمشروع وطني جامع؟ ألهذا الحد يهان الجمهور الذي حمل هذا المنتخب على أكتافه في كل المحافل؟
ثم كيف يعقل أن تكون تذكرة مباراة ودية، في بلد يتقاضى فيه أغلب شبابه الحد الأدنى للأجور، بقيمة 600 درهم؟ من اتخذ هذا القرار؟ وأي منطق يبرره؟ هل بات الحضور إلى الملعب امتيازا للطبقات الميسورة فقط؟
إننا اليوم أمام لحظة مفصلية.. فبلد يستعد لاحتضان كأس إفريقيا 2025، وفي أفق تنظيم مونديال 2030، لا يملك الحق في أن يسيء إلى صورته من خلال فضائح التذاكر هاته.. ولا يعقل أن نطمح لتنظيم كبرى التظاهرات الكروية ونحن لم نفلح بعد في توزيع عادل ومنظم لبطائق حضور مباراة.
الجماهير لا تطلب الكثير.. تطلب فقط احتراما، وعدالة، وإمكانية عادلة للوصول إلى المدرجات.. تطلب أن لا تعامل كـ”خزينة متنقلة” أو “فرصة تجارية”.. تطلب فقط أن تعامل كفاعل أساسي في اللعبة، لا كزبون يستغل عند الحاجة وينسى بعد صافرة النهاية.
فمن يجيب؟ ومن يصلح هذا الخلل الفاضح؟ أم أن “السماسرة” باتوا أقوى من الوطن؟!