
بقلم: مصطفى مجبر
في جماعة عين قنصرة بإقليم مولاي يعقوب، لم يعُد الفضاء العام يرحّب بالمواطن. في مكان يُفترض أن يكون ملكًا مشتركًا للجميع، أُقصي الإنسان البسيط إلى هامش الحياة اليومية، أمام تمدد الفوضى وتراجع سلطة القانون. الأرصفة، التي خُلقت لتكون ممرًا آمنًا للمارة، باتت ملكية خاصة للمقاهي، التي لا تتردد في احتلالها بطاولاتها وكراسيها، وكأن المدينة صُممت فقط لخدمة الزبائن، لا لكرامة المواطن.
نحن لا نعارض العمل ولا نقف ضد من يسعى لكسب رزقه، لكن حين تتحول الحرية إلى فوضى، ويُقصى المواطن لصالح نشاط تجاري لا يحترم القواعد، فإننا أمام اختلال كبير في مبدأ العدالة المجالية والحق في المدينة. الأخطر من ذلك أن هذا التغول لا يقف عند حدود الرصيف فقط، بل يمتد إلى ما هو أعمق وأشد خطورة. فبعض الأحياء تحولت إلى بؤر مفتوحة لترويج المخدرات بأنواعها، تُباع في وضح النهار، أمام الجميع، دون أدنى رادع أو تدخل من السلطات.
المشهد مُقلق، والصمت الرسمي تجاهه أكثر إقلاقًا. فحين تُرفع الحماية عن الشارع، وتُترك الأحياء لتواجه مصيرها أمام الجريمة والانحراف، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو: أين الدولة؟ من يحمي أبناءنا؟ ومن يدافع عن كرامة المواطن وحقه في الأمن والتنقل؟
في هذا الواقع المقلوب، يبدو أن منطق القوة بدأ يعلو على منطق القانون، وأن من يملك المال أو النفوذ يحظى بالمساحة، بينما يُزاح الضعفاء خارج المشهد. صمت السلطات المحلية، وتخاذل الجهات الأمنية، لا يمكن تفسيره إلا كتواطؤ ضمني أو لامبالاة خطيرة بمصير الناس.
إننا، كساكنة، نرفض هذا الواقع المريض، ونطالب بتدخل عاجل وحازم يعيد الأمور إلى نصابها. نطالب بتحرير الفضاء العام، وبمواجهة صريحة لمظاهر الانحراف، وبإعلاء سلطة القانون على كل من يظن أن الشارع ملك خاص أو سوق مفتوحة للسموم. لأن الرصيف ليس سلعة، ولأن الأمن ليس رفاهية، بل حق أساسي لا تستقيم الحياة من دونه.