“حميد المهداوي.. الصوت الذي يرعب الفساد ويُزعج السلطة”

“حميد المهداوي.. الصوت الذي يرعب الفساد ويُزعج السلطة”
جواد جعواني
جواد جعواني

جواد جعواني
صحفي، خبير في التواصل


في بلدٍ يُفترض أن الدستور فيه يضمن حرية الصحافة، وفي زمنٍ تتغنى فيه المؤسسات الرسمية بالإصلاح والانفتاح، يجد الصحفي حميد المهداوي نفسه في قلب متابعات قضائية جديدة، ناتجة عن عمله الإعلامي ومواقفه الجريئة. ونحن إذ نحترم المؤسسة القضائية ولا نعلّق على أحكامها، فإننا نُسائل السياق العام الذي يُلاحق فيه الصحفيون بتهم مرتبطة بمحتوى مهني، بدل أن يُناقَش ما يقدّمونه في فضاء حر ومفتوح.
ما الذي فعله المهداوي؟ هل سرق أموالًا عمومية؟ هل تلاعب بصفقات الدولة؟ هل هرّب الملايين إلى الخارج؟ لا، كل “جرمه” أنه صحفي. صحفي يرفض أن يركع، ويصرّ على أن يكون صوته ملكًا للشعب لا للسلطة. صحفي اختار أن يكون مع المواطن، لا مع التعليمات ولا مع “المصادر المجهولة”.
اليوم، تُستكمل فصول التضييق بقرار إداري يمنعه من بطاقة الصحافة، رغم أن الجميع يعلم من هو حميد المهداوي، وماذا يمثله في المشهد الإعلامي المغربي. تُرفض بطاقته بحجج تقنية وبيروقراطية لا تقنع أحدًا، وتُدار من طرف لجنة مؤقتة لا تحظى بإجماع الجسم الصحفي، ولا تملك الشرعية الكاملة التي تخول لها الحكم على مشوار مهني بحجم المهداوي.
أيعقل أن يُقصى صوت وطني ومهني من حقه الطبيعي في ممارسة الصحافة، بينما تُمنح البطاقات لأصحاب “الصفقات” و”المحتوى المعلّب”؟
أيعقل أن تتحول بطاقة الصحافة من وسيلة تنظيمية إلى أداة لتصفية الحسابات؟
الرسالة واضحة: من لا يطبّل، لا يُعتمد. من لا يدخل بيت الطاعة، يُمنع من المهنة.
لكن ما لا تفهمه السلطة أن حميد المهداوي لا يحتاج بطاقة ليكون صحفيًا. هو الصحافة عندما تكون حرة، وهو الصوت حين يصمت الجميع.
نقف اليوم مع حميد، لأننا ندافع عن شرف المهنة. ندافع عن الحق في السؤال، في التحقيق، في نقل الحقيقة. ندافع عن حق المغاربة في إعلام لا يُباع ولا يُشترى، في صحافة لا تخاف.
تجريد المهداوي من بطاقته لن يسكت صوته. والمتابعات المتكررة لن توقف قلمه. ما دام هناك من يقول “لا” في زمن “نعم”، فهناك أمل.
فليُسجّل التاريخ: في زمن المزايدات والانبطاح، كان هناك صحفي اسمه حميد المهداوي، لم يساوم، لم يهادن، ولم يصمت.

الاخبار العاجلة