
بقلم: مصطفى مجبر]
لم تعد “الدوارة” و”الكبدة” مجرد طقوس عابرة من طقوس عيد الأضحى، بل أصبحت، في الفترة الحالية قبيل العيد، رمزا جديدا للاختلال الاجتماعي وسوقا للفوضى والتلاعب، بعدما وصل سعر الأولى إلى 509 دراهم، والثانية إلى أزيد من 250 درهما، في مشهد عبثي يفوق قدرة المواطن على التصديق ناهيك عن التحمل.
ما الذي يحدث للناس؟ هل فقدنا القدرة على ضبط الأسواق، أم أننا نعيش في اقتصاد قائم على اللهفة، حيث تسود شريعة الغاب ويصير المستهلك فريسة سهلة للطمع والجشع؟ لم تعد المسألة مرتبطة بعرض وطلب، بل بما يشبه الجريمة الأخلاقية في حق الطبقات المتوسطة والفقيرة.
ما يجري اليوم يعكس انهيارا في منطق العدالة الاستهلاكية. فكيف يمكن الحديث عن “عيد الأضحى” كمناسبة دينية وروحية، في وقت يمنع فيه الفقراء من أبسط مظاهرها الغذائية؟ كيف نفسر صمت الجهات الوصية؟ وهل يعقل أن تبقى الحكومة متفرجة بينما تنهب جيوب المواطنين على قارعة العيد؟
نحن لا نطالب بإلغاء السوق، بل بتنظيمه.. لا نطلب المستحيل، بل ندعو إلى تدخل عاجل، ولو بإجراءات مؤقتة، لحماية المستهلك من جشع يتضاعف كلما اقتربت مناسبة دينية أو اجتماعية.
إن اللهفة التي تغذي هذا الغلاء ليست سوى انعكاس لمجتمع مهووس بالمظاهر، من جهة، وفاقد للحماية، من جهة أخرى. وما لم تتحرك الدولة لوضع حد لهذه المهازل، سنستفيق قريبا لنكتشف أن “الدوارة” لم تعد أكلة شعبية، بل طبقا فاخرا لا يقدم إلا في الولائم الكبرى… أو في نشرات الأخبار!