
بقلم :مصطفى مجبر
ذات يوم، كانت فاطمة خير تلامس قلوب المغاربة بأدوار درامية صادقة، تنقل من خلالها آلام المجتمع وهمومه ببساطة وعفوية.. لكن يبدو أن انتقالها من الركح إلى البرلمان، لم يكن انتقالا في الأداء فقط، بل في المبادئ أيضا؛ فقد تحولت الممثلة إلى نائبة تطالب اليوم بإسكات ما تبقى من أنفاس حرة على مواقع التواصل الاجتماعي، متحججة بـ”العنف الرقمي” والانتقادات اللاذعة التي تطالها.
في الفيديو الشهير الذي أثار موجة من السخرية أكثر من التعاطف، ظهرت فاطمة خير باكية داخل اجتماع لحزبها، متأثرة بما وصفته بـ”الحملة التنمرية” ضدها على المنصات الاجتماعية.. مشهد بدا وكأنه جزء من مسرحية مرتجلة، حيث تستدعى العواطف لتحصين الذات من المساءلة، وتُحشد الدموع لتجريم الرأي الحر.
لكن ما لم تستوعبه النائبة البرلمانية هو أن السياسة ليست دراما رمضانية، وأن المقعد النيابي ليس خشبة مسرح، فالسوشيال ميديا التي تهاجمها هي المتنفس الأخير لمواطنين تم سرقة أصواتهم في البرلمان، وتركوا أمام حكومة تطبل لها ممثلة سابقة، كانت تحلم بالتغيير فتحولت إلى بوق للتبرير.
إن محاولات فاطمة خير للتشكيك في مشروعية الانتقاد الشعبي لا تخرج عن كونها جزءا من سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه، وتقديم صورة مغلوطة عن الإعلام البديل باعتباره خطرا، لا صوتا شعبيا حرا.
وإذا كانت قد تألمت من بعض التجاوزات، فعليها أن تتذكر أنها شخصية عامة، وأن النقد السياسي ليس عنفا، بل ممارسة ديمقراطية مشروعة.
فاطمة خير تحولت من فنانة تعبر بصدق إلى سياسية تستخدم الدموع لدرء النقد الشعبي ومحاولة تكميم أفواه المغاربة. السوشيال ميديا ليست عدوا بل فضاءً للحوار والمحاسبة التي تخاف منها النخب السياسية، والتمثيل الحقيقي يطلب في البرلمان بالصدق والمسؤولية، لا بالبكاء والتبرير.
ختاما، نقول لها: التمثيل الصادق كان في الركح، أما في البرلمان، فإن التمثيل بلا مبدأ لا يقنع أحدا..
وعليك ان تدركي يا سيدتي، أن دورك السياسي يتطلب شجاعة الاستماع والنقد، لا الانسحاب وراء العواطف، لأن النقد هو نبض الديمقراطية وروح التغيير، وليس ضعفا يجب التغطية عليه.. وفقط بالشفافية والمصداقية يمكن لأي سياسي أن يكسب ثقة الشعب ويترك أثرا حقيقيا وليس بالدموع والتراجيديا.