
بقلم/ مصطفى مجبر
في ظل التحديات التي تواجهها العديد من المدن المغربية، تبرز ظاهرة الكلاب الضالة كأحد القضايا المؤرقة التي تؤثر بشكل مباشر على سلامة المواطنين. وفي مدينة فاس، لا يمكن تجاهل حجم الخطورة التي باتت تمثلها هذه الكلاب على حياة الناس، خاصة في الأحياء السكنية مثل “رياض الياسمين” بعين عمير، طريق عين الشقف. فقد شهد هذا الأخير حادثة مؤلمة كادت أن تودي بحياة رجل مسن لولا ستر الله، مما أثار موجة من الاستنكار بين الساكنة والمارة.
هذا الحادث يعكس أزمة حقيقة تستدعي تسليط الضوء عليها بكل حزم؛ فالكلاب الضالة تجوب الشوارع بلا رقيب أو حسيب، مما يجعلها تهديدا حقيقيا للأمن العام، خصوصا في ظل غياب حلول فعالة من السلطات المحلية.. الحقيقة المرة التي يجب أن عترف بها هي أن هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة عرضية، بل هي نتيجة لإهمال طويل الأمد وغياب تخطيط شامل للتعامل مع الكلاب الضالة.
أما بالنسبة للآثار الاجتماعية والنفسية لهذه الظاهرة، فإنها تزيد من حالة القلق والتوتر بين سكان المدينة.. فالعديد من الأشخاص، سواء كانوا سكانا دائمين أو مجرد زوارا للمدينة، باتوا يتجنبون بعض المناطق خوفا من التعرض للهجوم من قبل الكلاب الضالة..، ولعل الأخطر من ذلك هو خطر انتقال الأمراض المعدية، مثل داء الكلب والسعار، التي يمكن أن تكون لها تداعيات صحية وخيمة على الأفراد والتي قد تودي إلى الموت.
إن المسؤولية هنا ليست فقط على عاتق السلطات المحلية، بل على المجتمع ككل. يجب أن يكون هناك حوار مستمر بين الجهات المعنية والجمعيات المتخصصة في رعاية الحيوان، لإيجاد حلول منسقة تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف. من بين الحلول التي قد تساهم في تخفيف حدة الظاهرة، يمكن التفكير في تكثيف الحملات للتخلص من الكلاب الضالة بطريقة آمنة، إلى جانب توفير مراكز لاحتواء هذه الحيوانات وتلقيحها.
أما على المستوى الاجتماعي، فلا بد من خلق وعي أكبر لدى المواطنين حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، خصوصا فيما يتعلق بإبلاغ الجهات المختصة عند رؤية الكلاب الضالة، وتفادي مواجهتها بشكل مباشر.
في الختام، لا يمكن أن تستمر مدينة فاس في تحمل تبعات هذه الظاهرة التي تهدد سلامة المواطنين، ولعل الوقت قد حان لتضافر الجهود من أجل إيجاد حل جذري يعيد إلى المدينة أمنها وراحتها، ويؤمن حياة سكانها من أي خطر محتمل.