في مشهد إنساني مؤثر، شهد حي طارق بمدينة فاس مساء يوم الأحد 4 ماي 2025، ميلاد جمعية جديدة تحمل اسم “جمعية العناية”، تحت إشراف الفاعلة الجمعوية نجية فيلالي معساوي وفوزرية قريش و رئيس جمعية العناية خالد ودغيري، وهي أسماء تسعى للعمل التطوعي والإنساني بفضل عطائها الصادق، وحرصها الدائم على خدمة الفئات المهمشة والمحرومة.
افتتاح مقر الجمعية تم في أجواء روحانية وإنسانية راقية، ابتدأت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلتها لحظة مؤثرة من خلال ترديد الحاضرين للنشيد الوطني المغربي، وكان الجميع يقول بصوت واحد: ” هب فتاك لبى نداك وكأنهم كانوا يقولون نحن هنا لنخدم الوطن من خلال خدمة أبنائه .”
أكثر من جمعية… بل هي مشروع حياة:
جمعية العناية ليست مجرد إطار جمعوي جديد يضاف إلى قائمة الجمعيات بفاس، بل هي ثمرة مسار طويل من العمل التطوعي العفوي الذي سبق التأسيس الرسمي بسنوات.. فقد دأب أعضاؤها على تنظيم مبادرات إنسانية، كتوزيع “قفات رمضان” على الأسر المعوزة، وتنظيم “حفلة حناء” للأطفال في ليلة 27 من رمضان، ومبادرات أخرى كثيرة، كلها كانت تنفذ من جيوبهم ومن تبرعات بعض المحسنين داخل وخارج الوطن.
في كلمتها المؤثرة خلال حفل الافتتاح، أكدت نجية فيلالي معساوي أن فكرة التأسيس لم تكن وليدة لحظة عابرة، بل كانت حاجة ملحة تجسدت على أرض الواقع من خلال تكرار المشاهد المؤلمة التي يعيشها المسنون والأطفال والشباب على حد سواء. وأضافت: “هدفنا الأول والأخير هو أن نرسم الفرحة والابتسامة على وجوه المحتاجين. نحن لا نمل ولا نكل من تقديم المساعدة، بل نعتبر ما نقوم به واجبا أخلاقيا وإنسانيا.”
أما خالد ودغيري، فقد تحدث من قلبه، مشيرا إلى أن فكرة الجمعية فرضت نفسها بقوة، نتيجة لعدد من المبادرات التي كان يقوم بها بشكل تطوعي إلى جانب أصدقاء له في الخارج، وأنه آن الأوان لتحويل هذا الجهد الفردي إلى عمل منظم أكثر تأثيرا وانتشارا.
من جهتها، لم تخفِ فوزية قريش تأثرها حين قالت: “الفرحة التي رأيتها في عيون الأطفال حين قدمنا لهم بعض الهدايا البسيطة، لا تزال تسكن قلبي… تلك اللحظة كانت كافية لتقنعني أن الخير لا يحتاج الكثير من المال، بل يحتاج فقط إلى قلب يشعر.”
برامج طموحة وأهداف إنسانية:
تحمل الجمعية على عاتقها مجموعة من الأهداف النبيلة، من بينها تقديم المساعدة الطبية، خاصة في مجال جراحة العيون، وتوفير فرص التدريب المهني والفني للشباب، وتنظيم ورشات عملية تفتح لهم أبواب الأمل في مستقبل أفضل، فضلا عن محاربة الهدر المدرسي ومساندة الأسر الفقيرة والعناية بالمسنين الذين لديهم احتياجات خاصة.
اللافت في الجمعية أنها لا تكتفي بالتخطيط، بل بدأت منذ اليوم الأول في تفعيل برامجها، مستفيدة من شبكة محسنين أوفياء، من أبناء الوطن في المهجر، ومواطنين يحملون في قلوبهم وعيا اجتماعيا عميقا.
ختام يحمل رسالة…
اختتام الحفل لم يكن نهاية، بل بداية لرحلة طويلة من العطاء. وجمعية العناية بفاس جاءت لتقول: “لسنا جمعية مناسبات، نحن ضمير إنساني متواصل، لا يهدأ حتى يطمئن أن هناك طفلا سعيدا، ومسنّا غير منسي، وشابا لم يخذل.”
إنها دعوة مفتوحة لكل من يحمل في قلبه رغبة في المساهمة، أن ينضم إلى هذا المشروع الإنساني المضيء، لأن الوطن لا يُبنى فقط بالطرق والمباني، بل يبنى أولا بالقلوب التي تعرف كيف تحب وتعطي.


