الانتخابات على الأبواب… وعود بالأطنان ونتائج بالميزان

الانتخابات على الأبواب… وعود بالأطنان ونتائج بالميزان
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بينما يستعد المغرب لولوج موسم انتخابي جديد، تعود الأحزاب السياسية إلى الواجهة محملة بنفس الحقائب القديمة: شعارات براقة، وعود متكررة، ووجوه مألوفة…، ولكن في زمن ارتفعت فيه الأسعار، وتراجعت فيه الثقة، بات السؤال المشروع: ماذا تحقق من وعود الأمس؟ وماذا تبقى من رصيد الثقة في فاعلين باتوا يتقنون فن الكلام أكثر من فعل التغيير؟

منذ انتخابات 2021، وعدنا التحالف الحكومي الحالي، المكوّن من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، بتحقيق انتعاشة اقتصادية، إصلاح شامل في الصحة والتعليم، وخلق فرص شغل كفيلة بامتصاص البطالة في صفوف الشباب. لكن، وبعد مرور أكثر من نصف الولاية، لا تزال حصيلة الإنجاز باهتة، مقارنة بزخم الوعود.

على أرض الواقع، كل ما لمس المواطن هو ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وانكماش في فرص العيش الكريم، وتضييق على الطبقة المتوسطة، في مقابل اتساع الفجوة بين الخطاب السياسي ومطالب الشارع.

أما المعارضة، التي يُفترض أن تشكل صمام أمان ضد الانزلاقات الحكومية، فقد بدت وكأنها تؤدي دور المتفرج، مكتفية بالتنديد من داخل المؤسسات، في حين أن الدينامية الاجتماعية والاحتجاجات المطلبية باتت أكثر تعبيرا عن وجع الشارع من كل الخطب النيابية.

عودة عبد الإله بنكيران إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أُريد لها أن تُنعش حضور الحزب الغائب سياسيا منذ الهزيمة الثقيلة في الانتخابات الأخيرة، لكن الرجل، رغم كاريزمته المعهودة، لم يقدم بديلا حقيقيا بقدر ما أعاد إنتاج نفس النبرة العاطفية التي فقدت بريقها أمام واقعية الأزمات.

المشهد الحزبي المغربي اليوم يعيش أزمة مركبة: أزمة في الخطاب، وأزمة في القيادة، وأزمة في المصداقية؛ فالأحزاب لم تنجح في تجديد نخبها، ولا في بناء جسور الثقة مع المواطن، بل أصبحت، في معظمها، مجرد آلات انتخابية تفعل كل خمس سنوات، ثم تدخل في سبات طويل.

في ظل هذه الصورة الرمادية، تبدو الانتخابات المقبلة اختبارا حقيقيا ليس فقط للأحزاب، بل للديمقراطية المغربية برمتها. فإما أن تكون لحظة مساءلة ومحاسبة، أو مجرد محطة أخرى لإعادة تدوير نفس النخبة، بنفس الشعارات، ونفس الإخفاقات.

Breaking News