
في حي السعادة بفاس، يوجد ملعب صغير يعرفه الجميع، ويفرح به الأطفال والشباب الذين يذهبون إليه يوميا ليشبعوا حبهم لكرة القدم. لكن هناك شيء مهم يغيب عن هذا الملعب: “السياج”، نعم، السياج الذي يعد من أساسيات أي ملعب. فبدون هذا العنصر الحيوي، يبدو وكأننا نقوم بتشجيع الشباب على المغامرة، وعلى الأرجح، مغامرة غير مضمونة العواقب.
الملعب يقع مباشرة على حافة الشارع، وفي قلب حي يعج بالحركة، وداخل مجال السيارات التي تعبر دون توقف. ليس هذا فحسب، بل إن الساحة مفتوحة تمامًا، وكأنها دعوة للكرة لتخطي حدود الملعب وتنفجر في اتجاهات مختلفة، تمامًا كما لو كانت تستمتع بإحراج اللاعبين في كل مرة تفلت فيها عن السيطرة. وماذا يحدث حينما تتدحرج الكرة إلى الشارع؟ بالطبع، تصبح اللعبة أكثر إثارة… لكن بالنسبة للركاب على الطريق والشباب الذين يهرولون وراءها، فإن الإثارة تزداد بشكل لا يخلو من خطر.
فيا لها من مفارقة! نحن نزرع في الشباب روح الرياضة والتسلية، لكننا ننسى أن نقوم بحمايتهم من الأخطار التي قد تأتي من حيث لا نعلم. في هذا السياق، يبدو الملعب أكثر مثل “حلبة مصارعة” حيث تتحول الكرة إلى خصم عنيد يهدد اللاعبين بالاصطدام بسيارات قد تعبر في أي لحظة. حقيقة، لست بحاجة لأن تكون خبيرًا في السلامة لتدرك أن هذه هي وصفة مثالية لحوادث لا حصر لها.
السؤال المطروح هنا هو: هل نحن حقًا نعتقد أن هذا الملعب يُعتبر مكانًا آمنًا للعب؟ هل ننتظر حتى يحدث حادث مروع لنتخذ إجراءً؟ الحي بأسره يعرف أن هذا الملعب يستخدم يوميا، وبالتالي كان من المفترض أن يكون قد تم تزويده بسياج منذ سنوات طويلة.
إنه من الإهمال واللامبالاة بمكان أن يظل هذا الملعب بدون سياج، وكأن من قام بتصميمه كان يرى فيه مجرد “مكان للترفيه العابر”، أو ربما كان يعتقد أن اللاعبين سيحترمون حدود الملعب وهم يتعاملون مع كرة ليست لها حدود. إلا أن الواقع يقول أن كرة القدم لا تحترم الحواجز، لكن على الأقل، يجب أن نجد حواجز تحمي اللاعبين من خطر السيارات التي تمر بجانبهم.
إذا كان لدى المسؤولين عن هذا الموضوع أي شكوك حول ضرورة إضافة السياج، فإنني أدعوهم لزيارة الملعب في أي وقت من اليوم، ومراقبة الألعاب التي تجري فيه. والقرار سيكون بديهيا: إما أن نواصل تجاهل المشكلة حتى تأتي الكارثة، أو أن نقوم بحماية شبابنا وتحقيق ما يستحقونه من بيئة آمنة للعب.
وأخيرا، إذا كانت هناك إرادة حقيقية في جعل هذا الملعب مكانًا مناسبًا للممارسة الرياضية، فإنه لا يكفي فقط أن يكون “قرب” من بيوتنا، بل يجب أن يكون “آمنًا” للعب أيضا.