متابعة مصطفى مجبر
مع انبلاج فجر العيد وانتهاء صلاة العيد في مصلى دوار باب الحيط بجماعة فناسة باب الحيط بإقليم تاونات، تعلو أصوات المصلين بذكر النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام، فيما يعرف محليا بـ”صلاتيو”، مرددين الصلوات والأدعية حتى وصولهم إلى مسجد الدوار. وهناك، وكما جرت العادة عبر الأجيال، تحضّر كؤوس الشاي والحلويات، في مشهد يعكس أجواء الألفة والاحتفال.
لكن الحدث الأبرز الذي ينتظره الجميع هو “لوزيعة”، العادة التراثية التي تنظم وسط أجواء عامرة بالفرح والتكافل، حيث يتجمع سكان الدوار، صغارا وكبارًا، رجالا ونساء، للمشاركة في عملية الذبح التي تتم بتعاون بين جميع أبناء القبيلة، بل وحتى من بعض الدواوير المجاورة مثل دوار الحجار ودوار العيون.
يشرف بعض الرجال ذوي الخبرة على شراء الأضاحي، التي يتم اختيارها بعناية من الأسواق الأسبوعية أو من أحد سكان الدوار نفسه، وفق أسعار يتم التفاوض عليها، وفي حال تعذر الاتفاق، يتم اللجوء إلى “سبايبي”، الخبير الذي يحدد السعر العادل.
بعد الذبح، يتم تقسيم اللحم بعدالة بين المشاركين، حيث تشمل الحصة كل الأجزاء، حتى الكرشة والكبد، فيما يعرض الرأس والأطراف للمزايدة العلنية عبر “الدلالة”، وهي مزايدة تقليدية تجرى أمام الجميع، ويعلن الفائز بالثمن الأعلى عبر عبارة “الله يربح”.
وتختتم “لوزيعة” بتوزيع اللحم على المشاركين وفق الحصص المسجلة، حيث يتولى البعض توزيع الحصص عن أقاربهم أو جيرانهم، في مشهد يعكس روح التكافل الاجتماعي العميقة التي تميّز هذه العادة المتوارثة. إنها لحظة احتفالية تخلد قيم التعاون والتآزر، وترسّخ معاني العطاء في أبهى صوره. #news #فاس #المغرب