تزايدت حدة التوتر في العلاقات بين إسبانيا والولايات المتحدة في ظل قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أثارت قلق مدريد بخصوص مستقبل المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، إضافة إلى مضيق جبل طارق الذي أصبح محور تحقيق أمريكي حول العوائق التي تواجه الملاحة البحرية فيه. هذا التحقيق، الذي يندرج ضمن استراتيجية أوسع لواشنطن لتقييم الممرات البحرية العالمية، فتح باب التساؤلات حول مدى تأثيره على التوازنات الجيوسياسية في المنطقة.
إسبانيا، التي تعد عضوًا في حلف شمال الأطلسي، تجد نفسها في موقف حساس، إذ لا تشمل مظلة الحماية العسكرية للحلف المدينتين الواقعتين شمال المغرب، ما يجعلهما عرضة لأي تصعيد دون ضمان تدخل الحلفاء. هذا الواقع يزيد من مخاوف مدريد، خاصة في ظل التقارب الأمريكي-المغربي المتنامي، الذي بلغ ذروته خلال ولاية ترامب الأولى باعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية عام 2020.
قرار الولايات المتحدة بفتح تحقيق حول مضيق جبل طارق أضاف مزيدًا من القلق إلى المشهد، حيث يُنظر إليه في مدريد كتحرك قد يمنح المغرب نفوذًا أكبر في المنطقة، خصوصًا أن المضيق يمثل نقطة استراتيجية رئيسية لحركة التجارة العالمية والتوازنات الأمنية بين إسبانيا والمغرب وبريطانيا. وتخشى مدريد أن يكون هذا التحقيق مقدمة لسياسات أمريكية جديدة قد تصب في مصلحة المغرب، مما قد يؤدي إلى تصعيد مطالبه بشأن المدينتين المحتلتين.
التحولات الأخيرة في السياسة الأمريكية تعكس اختلافًا في الأولويات بين مدريد وواشنطن، حيث تركز الولايات المتحدة على تأمين حركة التجارة العالمية وتعزيز تحالفاتها الاستراتيجية، بينما تسعى إسبانيا للحفاظ على نفوذها الإقليمي وحماية مصالحها الاستراتيجية. وبينما تحاول مدريد التعامل بحذر مع هذه المستجدات، فإن مستقبل التوازنات في المنطقة يظل مفتوحًا على احتمالات عدة، قد تشمل تغييرات جذرية في طبيعة التحالفات التقليدية.