استفسار رئيس جماعة فاس: إجراء إداري أم تجاوز للصلاحيات؟

استفسار رئيس جماعة فاس: إجراء إداري أم تجاوز للصلاحيات؟

مصطفى مجبر

في خطوة أثارت نقاشا واسعا داخل المشهد السياسي المحلي، وجه رئيس جماعة فاس استفسارا رسميا إلى أحد أعضاء المعارضة، عبر مفوض قضائي، بخصوص تصريحات أدلى بها خلال دورة فبراير 2025، والتي تضمنت اتهامات مباشرة تتعلق بطريقة تدبير بعض الملفات داخل الجماعة. هذه الخطوة، رغم وجاهتها من حيث ضمان احترام المؤسسات وحماية سمعة المجلس، طرحت تساؤلات قانونية حول مدى توافقها مع اختصاصات رئيس الجماعة مقارنة بالصلاحيات المخولة لوالي الجهة.

الجدل القائم حول هذا الاستفسار يتمحور حول المادة 64 من القانون التنظيمي 113.14، التي تمنح لوالي الجهة، أو من ينوب عنه، الحق الحصري في توجيه استفسارات إلى أعضاء المجالس الجماعية حول ما قد يعتبر أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة، وعليه، يرى البعض أن توجيه رئيس الجماعة لاستفسار مباشر إلى مستشار جماعي يشكل سابقة غير معهودة في العمل الجماعي، وقد يدرج ضمن “المتجاوز عنه” من حيث الممارسة القانونية، لكن في المقابل، يذهب أنصار الرئيس إلى اعتبار هذه الخطوة ضرورة إدارية لمواجهة تصريحات اعتُبرت غير مدعمة بأدلة ملموسة، مما قد يسيء لصورة المجلس ويؤثر على ثقة المواطنين في تدبير الشأن المحلي.

رئيس الجماعة، الذي وجد نفسه في موقف الدفاع عن مصداقية المجلس، يرى أن الاستفسار لم يكن سوى محاولة لطلب توضيح رسمي من المستشار المعني، خاصة أن مداخلته، التي جرى بثها بشكل مباشر، تضمنت اتهامات بالانتقائية في تطبيق الضرائب العقارية ووجود محسوبية في بعض القرارات، دون تقديم ما يثبت ذلك!, ومن هذا المنطلق، كان الهدف هو التأكد من مدى جدية هذه الادعاءات، تفاديا لأي تأثير سلبي على عمل الجماعة وصورتها أمام الرأي العام.

في المقابل، اعتبر المستشار المعني ومحاميه أن هذا الإجراء يتجاوز صلاحيات الرئيس، خاصة أن أي مساءلة حول مواقف وتصريحات الأعضاء داخل الجلسات الرسمية يجب أن تتم وفق الآليات القانونية المحددة، والتي تجعل والي الجهة الجهة الوحيدة المخولة لمساءلة المنتخبين في هذا السياق، كما اعتبروا أن الاستفسار يفتح الباب أمام ممارسات قد تحد من حرية التعبير داخل المؤسسات المنتخبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بأدوار المعارضة في مراقبة عمل المجلس.

وبين الرأيين، يبقى هذا الملف مفتوحا على تطورات قد تأخذ طابعا قانونيا، في ظل إعلان المستشار الجماعي عزمه اللجوء إلى القضاء، مقابل تأكيد رئيس الجماعة استعداده لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم المساس بسمعة المجلس وهيبته المؤسساتية.

Breaking News