
تجاوزت تكلفة البرامج والمسلسلات التي بثتها القناة الثانية “دوزيم” خلال شهر رمضان 15 مليار سنتيم، حيث تم اختيار 27 شركة إنتاج لتنفيذ 13 برنامجًا متنوعا، من برامج درامية وكوميدية وترفيهية، إلى أفلام تلفزيونية، مما يعكس حجم الاستثمار الضخم في هذه البرمجة.. ولكن، مع هذا الإنفاق الكبير، هل تحقق القناة فعلا الأهداف المرجوة؟
من بين أبرز البرامج التي أُطلقت هذا العام كان مسلسل “مبروك علينا”، الذي يعكس تقاليد القناة في رمضان بمزيد من “الحموضة” التي عرفتها السنوات الماضية,ورغم أن السلسلة لا تقتصر فقط على تكرار ما تم تقديمه في السنوات السابقة، إلا أنها قد تفوقت هذه المرة في الحموضة، موجهة صدمة جديدة للمشاهدين الذين اعتادوا على تقديم أعمال مبتكرة ومثيرة.
منذ الحلقة الأولى، كانت الإشارات واضحة على غياب الإبداع والابتكار، إذ ساد النمط نفسه من الحوارات والمشاهد البسيطة التي لا تضيف قيمة ترفيهية للمشاهد، بل تزيد من إحساسه بالتكرار والملل, إذ لم تسهم الحلقات بأي جديد سواء في الشكل أو المضمون، لتؤكد في النهاية أن القناة تفضل تقديم ما هو مألوف على حساب تقديم شيء مميز قد يضيف قيمة حقيقية لجمهورها.
الغريب أن هذه البرامج التي تستهلك مثل هذه الميزانيات العالية، لم تظهر أي مستوى من التغيير أو التجديد المطلوب، بل تكرر نفس الوجوه والأساليب التي يتوقعها الجميع.. وعلى منصات التواصل الاجتماعي، عبر العديد من المتابعين عن خيبة أملهم الكبيرة، معبرين عن استيائهم من هذه البرامج التي لم تقتصر فقط على التكرار، بل حتى على التقليل من قيمة المشاهد الذي يستدرج أمام شاشة التلفاز كأنه أداة للاستهلاك الفكري الخالي من أي جديد.
فبينما كان من المفترض أن تسهم هذه الاستثمارات الكبيرة في رفع مستوى الفن والإبداع في الإنتاجات الرمضانية، يبدو أن النتيجة النهائية هي مزيد من تكرار الأعمال التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فهل فعلا كانت هذه الاستثمارات بحاجة إلى أكثر من 15 مليار سنتيم؟ أم أن هذه الأموال كانت تستحق أن تنفق على إنتاجات ترفع من مستوى البرمجة وتوفر للمشاهد تجربة أكثر إثارة وقيمة؟
في النهاية، يظل السؤال الأهم: هل تحقق هذه الاستثمارات الغايات المرجوة، أم أنها مجرد إضاعة للمال والوقت في تقديم برامج تافهة لا تعود بالنفع على المشاهد ولا على الصناعة الإعلامية نفسها؟