فشل الحكومة في التواصل ، هل ينذر بإنتكاسات سياسية لحزب التجمع الوطني للأحرار في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة …

فشل الحكومة في التواصل ، هل ينذر بإنتكاسات سياسية لحزب التجمع الوطني للأحرار في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة …

يونس لكحل

تواجه الحكومة المغربية، بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، تحديات سياسية وإعلامية كبيرة، فبالرغم من أنها قد بدأت ولايتها بأمل كبير في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وختمت نصف ولايتها بتحقيق نجاحات عدة بعدما قامت بإصلاحات مختلفة وتجاوبت بفاعلية مع عدد من القضايا بقطاعات عديدة بالوصول لحلول شجاعة ساهمت في تنزيل البرامج والمخططات إستفاد منها الشعب المغربي بمختلف فئاته، بالرغم من وجود بعض الإشكالات و الإكراهات … ، إلا أن الواقع اليوم يظهر قصورًا واضحًا في القدرة على التواصل مع المواطنين وإيصال رسائلها بفعالية تكتسي العمق في البرهنة على واقعية لهذه المكتسبات المحققة ، فهل هناك خلل تعاني منه الحكومة ورئاستها في مجال التواصل والاعلام … ؟ ! .
الواضح الآن ومع إقتراب موعد الإستحقاقات الإنتخابات البرلمانية القادمة سنة 2026، بدأت تظهر بوادر انفضاض الائتلاف الحكومي، حيث بدأ كل حزب في التحضير لدوره الانتخابي وموارده السياسية بعيدًا عن المسؤولية الحكومة ببروز خطابات سياسية متناقضة !! . بما يشي أن الفشل واضح للحكومة بكل مكوناتها فيما يتعلق بالتواصل مع المواطنين ، وهذا الفشل هو المحرك الاساسي الذي دفع الأحزاب التي تنتمي إلى الائتلاف الحكومي إلى تسخين محركاتها الانتخابية بشكل مبكر ،محاولةً توظيف هذا العجز التواصلي كشماعة على رئاسة الحكومة وعلى الحزب الذي يقودها لتحقيق مكاسب سياسية لتلك الأحزاب قبل المعركة الإنتخابية المقبلة … تحت فهم يستحضر مقولة ” شاركه بالمنجزات وتبرأ منه في الإكراهات ” !!!
والوقائع الآن كقراءة للمشهد السياسي الوطني يعطي مؤشرات بأن الحكومة متجهة بشكل سريع نحو خسارة المزيد من قوتها التواصلية على شكل نزيف تنازلي متواصل… ، مع العلم انه كان من المفترض أن يكون التواصل الفعال مع المواطنين أحد أبرز أولوياتها، خصوصًا في ظل التحديات الإقتصادية والإجتماعية التي تواجهها البلاد. إلا أن الواقع يثبت أن الحكومة لم تنجح في ذلك، بل على العكس، بدأت تظهر إخفاقات واضحة في تواصلها مع الرأي العام. فبينما تنشغل في إنجاز مشاريع كبيرة وتقديم وتنزيل الوعود على ارض الواقع بقضايا مهمة من قبيل الدعم الاجتماعي والحماية الاجتماعية الرائدة بإعتراف منظمات دولية ، بالمقابل لا يجد المواطن المغربي تفاعلًا حقيقيًا ومؤثرًا مع هذه النجاحات بالواقع مما يعني ان الضعف والإنزواء الذي تعانيه السلطة التنفيذية فيما يخص التفاعل الإعلامي مع ما ينجز على أرض الواقع جعلها في موقف دفاعي دائم، ما ساهم في تزايد مشاعر الإحباط واللامبالاة لدى العديد من المواطنين ، هذا ما دفع بتجار التضليل والكذب والبهتان إلى البروز والظهور على الساحة بشكل قوي خصوصا بوسائل التواصل الإجتماعي والهجوم عليها وتبخيس جل المنجزات !!
الحقيقة أن حزب التجمع الوطني للأحرار ، يواجه صعوبة كبيرة في الترويج لنجاحاته السياسية على مستوى الإعلام. ففي الوقت الذي كان يتعين عليه أن يظهر منجزاته ويقدم نفسه كحزب قاد إصلاحات وإتخذ قرارات مهمة كانت لها القدرة على دعم المواطنين والمواطنات بالفئات الهشة وحمايتها عبر برامج جيدة تم تنزيلها ، نجد أن حملاته الإعلامية ظلت محتشمة ضبابية وغير مؤثرة تلك التي اعتمد عليها الحزب بغياب تام للمهنية والفاعلية والمتعلقة بطرح هذه النجاحات والترويج لها ، فهذا الضعف في التواصل الإعلامي انعكس سلبًا على الحزب الذي يقود الحكومة في نظر المواطن وهنا تكمن المعضلة !!
و المثير وفي خضم هذا الوضع، خرجت أحزاب -حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة – ، اللذان يشكلان الإئتلاف الحكومي، للتحضير مبكرًا للانتخابات المقبلة بخطابات سياسية مهاجمة تدعي قربها من المواطنين وتستغل عدم طرح أسئلة من قبيل : أنتم تشاركون في التسيير والتدبير الحكومي وتروجون في نفس الوقت رفضكم لطبيعة هذا التسيير والتدبير لعدد من القطاعات فكيف ذلك !! وما القصة وما الهدف !!!؟ ، وهل هي سياسة الكيل بمكيالين؟ .
أحزاب اصبحت تروج لخطاب سياسي يركز على قربها من المواطنين، بينما في باطنه يُحمل تلميحات تنصل من الحكومة ومن ضعفها التواصلي . فعلى الرغم من كونهما جزءًا من الائتلاف الحاكم، إلا أن حزب الاستقلال، على وجه الخصوص، بدأ في تحريك قاعدته الشعبية عبر تصريحات وتسخينات سياسية تؤكد على تباعده عن الوضع الحكومي الحالي، مستفيدًا من ضعف التفاعل الإعلامي الذي يعاني منه التجمع الوطني للأحرار.
يبدو أن الأحزاب السياسية داخل الائتلاف الحكومي بدأت في اتباع نهج التخلي التدريجي عن المسؤولية الحكومية. بينما يحاول حزب التجمع الوطني للأحرار مواجهة هذه التحديات، يسعى حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة إلى الترويج لأنفسهما كبديل سياسي قادر على التواصل مع المواطن ، فهل هذا التحول في المواقف يمثل بداية انفضاض حقيقي داخل الائتلاف …؟
والأكيد انه وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن الحكومة المغربية تعاني من ضعف تواصلي وإعلامي حاد ينعكس سلبًا على صورتها العامة، بينما تسعى الأحزاب السياسية بالاغلبية إلى إعادة تموضعها بشكل منفصل استعدادًا للانتخابات المقبلة ،مما يحتم على حزب التجمع الوطني فهم الرسالة لإستدراك الزمن السياسي بكل واقعية وجرأة لأن المشهد السياسي اصبح فضاءا للمتغيرات المرحلية المؤثرة في أي لحظة فارقة … فهل سيكون إستمرار الفشل في التواصل سببا في إنتكاسة سياسية لحزب الحمامة في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة … ؟