
في مشهدٍ لافتٍ لم يخل من الدهشة، غاب الزليج المغربي عن المعرض الجهوي لمنتجات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في مدينة مكناس، في دورته الرابعة، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى إيماننا بقيمة هذا الفن الأصيل ومدى استغلالنا للفرص التي قد تساهم في إحيائه على الساحة الوطنية والدولية..، الزليج المغربي، ذلك التراث الذي يعكس براعة الحرفيين المغاربة وفنهم الرفيع، هو أكثر من مجرد شكل جمالي، بل هو تعبير حي عن هوية حضارية تمتد جذورها في تاريخنا العريق.
كان من المتوقع أن يضطلع الزليج بدور محوري في هذا المعرض، الذي يهدف إلى دعم وتسويق منتجات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ويشكل فرصة لإبراز الابتكار الثقافي المغربي في فضاء دولي. وعلى الرغم من مشاركة دول متنوعة مثل الصين وفرنسا والسنغال، فإن غياب الزليج يثير الأسئلة حول مدى التقدير الذي يحظى به هذا الفن بيننا، وعلى ما يبدو أن اهتمامنا بالتراث لم يكن كافياً لكي يتم تضمينه في “قطب العارضين” الذي احتضن 160 رواقا من مختلف العمالات والمناطق المغربية.
إن الزليج ليس فقط مادة فنية محورية في العمارة المغربية، بل هو فرصة حقيقية لدعم الاقتصاد المحلي، خصوصاً في المجال الحرفي، حيث يمكن أن يشكل مصدر دخل مهماً للتعاونيات والحرفيين في مختلف المناطق. وعليه، فإن غيابه عن المعرض يعد إشارة إلى خلل في استثمار هذه الفرصة لتسليط الضوء على إمكانيات الزليج كمورد اقتصادي وثقافي، قادر على دعم التنمية الجهوية وتعزيز السياحة، بل ودفع الشباب نحو عالم الحرف اليدوية التي تحمل معها مستقبلاً واعداً.
وفي معرض ضخم بحجم هذا الحدث، كان من الممكن أن تساهم مشاركة الزليج في نشر الوعي حول ضرورة الحفاظ على الحرف التقليدية وتعريف العالم بتراثنا الغني. فمشاركة الزليج في هذا المعرض لم تكن مجرد عرض فني، بل كانت فرصة لتعزيز مكانة المغرب كمركز عالمي للفنون والحرف التقليدية، وإتاحة المجال لتبادل الخبرات الفنية والاقتصادية مع الدول الأخرى.
