هل نجحت ريم شباط في اقتلاع آخر مسمار من النعش الذي دقه والدها بعقد صفقته مع “سيتي باص”

هل نجحت ريم شباط في اقتلاع آخر مسمار من النعش الذي دقه والدها بعقد صفقته مع “سيتي باص”
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم : مصطفى مجبر

”( واش الشياطة ديال طوبيسات “سيتي باص هي باش غنستفبلو السياح والأجانب في المونديال؟!!.. واش بالطوبيسات كيمشيو بالفاخر وما عندهم فرانات بحالهم بحال وعودكم الانتخابية ..؟؟!!)

هكذا عبرت إبنة العمدة السابق لمدينة فاس حميد شباط، البرلمانية ريم شباط في مداخلة لها تحت قبة البرلمان، تنتقد فيها وبقوة الحالة المزرية التي آل إليها النقل الحضري بفاس بسبب سوء الخدمات التي تقدمها شركة النقل الحضري سيتي باص.

وقد صادق مجلس جماعة فاس، خلال دورة فبراير، على إنهاء عقد التدبير المفوض لشركة “سيتي باص”، المسؤولة عن النقل الحضري في المدينة، بسبب إخلالها ببعض بنود العقد، من بينها تدهور أسطول الحافلات وعدم احترام معايير السلامة والراحة

صحيح أن النقل الحضري يدخل ضمن اختصاصات الجماعات الترابية وفقا للمادة 100 من القانون التنظيمي رقم 113.14، لكن هذا لا يمنع النائبة البرلمانية ريم من طرح الموضوع في البرلمان والترافع بشأنه، فالتدبير المفوض للمرافق العمومية، ومن بينها النقل، يخضع لإشراف الحكومة ممثلة في وزير الداخلية، كما تؤكد ذلك المادة 118 من القانون ذاته، مما يجعل هذا الاختصاص مشتركا وليس ذاتيا كما يحاول البعض تصوره.

وعند النظر إلى عقد التدبير المفوض لشركة “سيتي باص” بفاس والجماعات المجاورة، يتضح أن الشركة لم تلتزم بدفتر التحملات، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه، خاصة أن هناك آلية قانونية واضحة لحل النزاعات، تبدأ بعامل الإقليم، وإذا فشل التحكيم، يحق للمجلس الجماعي اللجوء إلى القضاء. ولكن السؤال الأهم: من يحمي هذه الشركات التي لا تحترم التزاماتها تجاه المواطنين؟

التقصير الواضح لرئيس مجلس مدينة فاس، المنتمي لحزب “الحمامة”، يثير الشبهات، خاصة أن رئيس البرلمان الطالبي العلمي، المنتمي لنفس الحزب، حاول تبرير الفشل من خلال استدلال خارج السياق بمواد القانون الداخلي للبرلمان. وهذا ليس سوى محاولة للتغطية على إخفاق الحكومة في التصدي لمثل هذه الملفات الحارقة، التي يبدو أنها تدار بعقلية رجال الأعمال وليس بمنطق خدمة المواطنين.

في النهاية، العقد شريعة المتعاقدين، والنائبة البرلمانية، بصفتها ممثلة للساكنة، ليست مجرد متفرجة، بل من حقها وواجبها الترافع عن مصالح المواطنين، حتى لو حاول البعض إخماد صوتها بمبررات واهية.

لذلك، دعونا نرجع قليلا إلى بداية الحكاية، ففي عام 2012، أبرمت جماعة فاس، تحت رئاسة حميد شباط، عقدا للتدبير المفوض مع شركة “سيتي باص” لتولي مسؤولية النقل الحضري في المدينة، إذ كان من المقرر أن يمتد هذا العقد حتى عام 2027. ومع مرور الوقت، ظهرت العديد من الاختلالات في تنفيذ بنود العقد، بما في ذلك نقص حاد في عدد الحافلات، وتهالك الأسطول، وضعف جودة الخدمات المقدمة للمواطنين..، بالإضافة إلى ذلك، لم تلتزم الشركة بالملحق التعديلي الذي تم التصويت عليه في مارس 2024، والذي نص على اقتناء حافلات جديدة مناصفة بين الجماعة والشركة.

نتيجة لهذه التحديات، قرر المجلس الجماعي لمدينة فاس، خلال دورته العادية في 6 فبراير 2025، فسخ العقد مع شركة “سيتي باص” من جانب واحد، استنادا إلى بنود دفتر التحملات الذي يتيح هذا الإجراء في حالة الإخلال بالالتزامات المتفق عليها.

هذا القرار جاء بعد سنوات من الشكاوى والاحتجاجات من قبل سكان المدينة بسبب تردي خدمات النقل الحضري، ويعكس التزام المجلس بتحسين جودة هذه الخدمات وتلبية تطلعات المواطنين.

جاء قرار الجماعة بعد أيام من إضراب شامل نفذه عمال “سيتي باص”، شلّ حركة النقل الحضري، احتجاجا على عدم صرف أجورهم وعدم تسجيلهم في الضمان الاجتماعي، كما لا ننسى أن ساكنة فاس شهدت حوادث خطيرة مرتبطة بوضعية الحافلات، من بينها انقلاب مأساوي أدى إلى إصابة 54 شخصا، إضافة إلى اندلاع حرائق متكررة، ما دفع برلمانيين إلى مساءلة وزير الداخلية حول هذه الكوارث.

كما ويأتي الترافع على هذا الملف الساخن نتيجة مطالب وملتمسات متتالية من المواطنين والطلبة وفعاليات المجتمع المدني والإعلام ومجالس المقاطعات التي ما فتئت تقترح احداث خطوط دائرية جديدة وخصوصا التي تربط المركب الاستشفائي الجامعي والمحاكم والمركب الرياضي بنقط رئيسية بدائرة نفوذها الترابي، وعليه يأتي قرار هذا الفيلم كنتيجة حتمية وايجابية تبرز تلاحم كلمة كل المتضررين وتمثيلياتهم.

كما وقد أثارت المشاكل المتراكمة للنقل الحضري موجة من الاحتجاجات، خصوصًا بين التلاميذ والطلبة، مطالبين بأسطول حديث وخدمات ذات جودة تليق بسكان العاصمة العلميةوباختصار فالشركة المذكورة لم تلتزم بوعودها لا بالنسبة للمواطنين كرمال ولا بالنسبة للمستخدمين كموظفين!!.

Breaking News