ازدواجية في التعليم المغربي.. خطوة جديدة تعمّق الفجوة التربوية

مصطفى مجبرمنذ 4 ساعات
ازدواجية في التعليم المغربي.. خطوة جديدة تعمّق الفجوة التربوية

تواجه المنظومة التعليمية المغربية جدلاً واسعاً عقب إعلان وزارة التربية الوطنية اعتماد امتحانين مختلفين لتلاميذ المستوى السادس ابتدائي، أحدهما وطني خاص بمؤسسات الريادة، والآخر محلي لبقية المؤسسات. هذا القرار أثار استغراب الخبراء التربويين الذين وصفوه بأنه تكريس لواقع تعليمي غير عادل، يعمّق الفوارق بين المؤسسات بدل العمل على توحيد معايير التعلم في البلاد.

الخطوة التي اتخذتها الوزارة بتنظيم امتحان موحّد على الصعيد الوطني لمؤسسات الريادة يومي 21 و22 يناير، تأتي في وقت تتعرض فيه هذه المؤسسات لانتقادات واسعة بسبب غياب معايير واضحة لاختيارها واستفادة العاملين فيها من امتيازات مادية وإدارية غير متاحة لنظرائهم في باقي المؤسسات. في المقابل، سيجتاز تلاميذ المؤسسات العادية امتحانات محلية يتم إعدادها من طرف الأساتذة العاملين بهذه المؤسسات، مما يعمّق شعور التلاميذ وأسرهم بالتمييز وعدم تكافؤ الفرص.

ويرى مراقبون أن اعتماد امتحانات وطنية خاصة بمؤسسات الريادة يهدف بالأساس إلى تلميع صورة الوزارة والترويج لنجاح مشروعها، دون مراعاة الفوارق الشاسعة بين المؤسسات، سواء من حيث البنية التحتية أو الموارد البشرية. بينما يعيش تلاميذ بعض المؤسسات في المناطق النائية أوضاعاً مأساوية، من غياب أبسط شروط التعلم كالكهرباء والماء والمرافق الصحية، يطمح مشروع الريادة إلى خلق مؤسسات نموذجية قد لا تتاح سوى لفئة محدودة.

من جانب آخر، يواجه مشروع مؤسسات الريادة انتقادات لكونه يستنزف الموارد المالية للوزارة في وقت تعاني فيه المدارس العادية من نقص حاد في التجهيزات والموارد. ورغم الدعوات المطالبة بتعليق هذا المشروع، فإن الوزارة قررت المضي قدماً في توسيع نطاقه ليشمل الإعدادي، وفق معايير جديدة لاختيار المؤسسات المرشحة.

التوجه نحو خلق نموذجين تعليميين مختلفين يهدد بإعادة إنتاج الفشل الذي عرفه التعليم المغربي منذ عقود. ففي الوقت الذي كان يُفترض أن تسعى الوزارة إلى تحقيق تكافؤ الفرص، يبدو أنها اختارت طريقاً يعيد إنتاج الفوارق نفسها التي يعاني منها المجتمع المغربي، ما يجعل الحديث عن إصلاح التعليم أمراً بعيد المنال.

ومع استمرار العمل بمشروع مؤسسات الريادة، يتوقع خبراء أن تصدر الوزارة مستقبلاً تقارير تتغنّى بنجاحه، في حين أن التحدي الحقيقي يتمثل في عرض تلاميذ هذه المؤسسات على تقييمات دولية موضوعية، مثل “تيمس” و”بيرلس”، لمعرفة مدى فعالية هذا المشروع في تحسين التعلمات. لكن السؤال الأهم يبقى: هل تمتلك الوزارة الشجاعة لمواجهة الحقيقة؟

في النهاية، يبدو أن مشروع مؤسسات الريادة، بدل أن يكون خطوة نحو تطوير التعليم، قد يتحول إلى عبء مالي وإداري إضافي، يفاقم أزمة التعليم في البلاد ويعمّق الهوة بين التلاميذ المغاربة، ليبقى حلم تحقيق تعليم موحّد ومنصف حلماً بعيد المنال في ظل السياسات الحالية.

الاخبار العاجلة