في خطوة لافتة، باشرت تعاضديات القطاع العام، تحت إشراف لجنة يرأسها ميلود معصيد، سلسلة من الاجتماعات لمناقشة إدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “كنوبس” ضمن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي “CNSS”. وتأتي هذه الاجتماعات بعد قرار الحكومة تأجيل المصادقة على مشروع القانون رقم 23.54، المتعلق بتعديل القانون 65.00 الخاص بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وهو المشروع الذي يهدف إلى إدماج “كنوبس” في إطار منظومة الحماية الاجتماعية الجديدة.
:رفض قاطع للإدماج
في هذا السياق، أعرب المناديب المنتخبون لتعاضديات القطاع العام خلال اجتماعهم بالرباط عن رفضهم القاطع لمشروع الإدماج. وشددوا على أن التعاضديات كانت ولا تزال جزءاً أساسياً من مشروع الحماية الاجتماعية، إلا أنهم يرفضون أي خطوة قد تؤدي إلى التفريط في مكتسبات المنخرطين. وأوضحوا أن التعاضديات استثمرت على مدى عقود في بناء مقرات وشراء تجهيزات وعقارات، ما يجعل من الصعب تقبل فكرة نقل هذه الأصول إلى “CNSS” دون استشارة مسبقة أو اتفاق.
:انخفاض في التعويضات المقدمة
من بين الأسباب التي أثارت حفيظة المناديب هو التفاوت الكبير في التعويضات المقدمة بين “كنوبس” و”CNSS”. فبينما يقدم “كنوبس” تعويضات تصل إلى 800 درهم للنظارات الطبية و3000 درهم لعلاج الأسنان، تبقى تعويضات “CNSS” في هذه المجالات متواضعة جداً، إذ تبلغ 450 درهم للنظارات و3000 درهم لعلاج الأسنان بشكل إجمالي. هذا التراجع في مستوى التعويضات يعزز من مخاوف المنخرطين بشأن تدهور جودة الخدمات المقدمة في حال تم الإدماج.
مصير العاملين في التعاضديات:
مخاوف أخرى أثارها المناديب تتعلق بمستقبل العاملين في التعاضديات، حيث يعمل أكثر من 3000 موظف في هذه المؤسسات. وأعرب المناديب عن قلقهم من أن الإدماج قد يدفع بهؤلاء الموظفين إلى البطالة، خاصة في ظل عدم وجود خطط واضحة لإعادة تأهيلهم أو توظيفهم ضمن النظام الجديد.
:دعوة للحوار وتنسيق المواقف
وفي رد فعل على هذه المخاوف، طالبت المكاتب المسيرة لتعاضديات القطاع العام بعقد اجتماع عام عاجل لمندوبي التعاضديات بهدف اتخاذ موقف موحد تجاه مشروع الإدماج. ودعت الحكومة إلى فتح حوار جدي مع التعاضديات لإشراكها في إعداد نص تشريعي يحافظ على مكتسبات المنخرطين والمستخدمين. كما ناشدت كافة القوى الحية في البلاد لدعم القطاع التعاضدي، معتبرة أن هذا المشروع قد يُمرر في غفلة دون مراعاة مصالح المنخرطين.
:استمرار التمسك بالمكتسبات
وفي الوقت الذي يتجه فيه المشروع نحو التنفيذ، يواصل المناديب التأكيد على أن مهمتهم الأساسية هي الدفاع عن حقوق المنخرطين الذين وضعوا ثقتهم في التعاضديات. وأعربوا عن أملهم في أن تجلس الحكومة على طاولة الحوار معهم للوصول إلى حلول تضمن تطوير النظام دون المساس بالمكتسبات التي تم تحقيقها عبر سنوات من الجهود المشتركة بين التعاضديات والمنخرطين.
بينما تسعى الحكومة إلى إدماج “كنوبس” في “CNSS” كجزء من مشروع أوسع للحماية الاجتماعية، تتزايد المخاوف داخل أوساط التعاضديات بشأن مستقبل المكتسبات والخدمات المقدمة. يبقى السؤال الأساسي مطروحاً: هل سيتم التوصل إلى حل وسط يحفظ حقوق المنخرطين ويضمن تحسين مستوى الخدمات، أم أن المشروع سيمضي قدماً دون مراعاة هذه المخاوف؟
