عمدة فاس: حينما تدار المدينة بمنطق التخبط والعشوائية

مصطفى مجبر11 سبتمبر 2024
عمدة فاس: حينما تدار المدينة بمنطق التخبط والعشوائية
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

من يراقب مشهد تدبير الشأن المحلي في مدينة فاس، سيدرك بسرعة أن الأمور تدار بأسلوب أشبه بالهواية، بل أحياناً بالخبط العشوائي. عبد السلام البقالي، العمدة الذي وعد الكثير وأوفى بالقليل، أصبح رمزاً لسياسة المراوغة والوعود الكاذبة. في الوقت الذي كانت المدينة تتطلع فيه لنهضة حقيقية تحاكي مكانتها التاريخية، باتت تتخبط في مشاكل يومية تعجز السلطات المحلية عن حلها، وأحياناً عن فهمها.

البقالي الذي دخل السياسة محملا بوعود الإصلاح والتنمية، يبدو اليوم غير قادر على مجاراة تحديات المدينة، سواء في قطاع النقل الحضري المتدهور أو في مشاريع البنية التحتية المتوقفة. من غير المعقول أن يظل سكان فاس، مدينة العلم والحضارة، يعانون من أبسط حقوقهم في الخدمات اليومية. إنه الفشل بعينه، لكن بأسلوب متعجرف يتسم بالتعالي عن سماع نبض الشارع.

يبدو أن البقالي نسي أن منصب العمدة يتطلب أكثر من حضور في المناسبات الرسمية والتقاط الصور الإعلامية. إنه منصب يتطلب استراتيجية واضحة ورؤية حقيقية للتنمية. فهل العمدة مستعد للاستماع لاحتياجات سكان فاس؟ أم سيظل متشبثا بمنصبه، مدعيا أن الأمور تسير وفق الخطط المرسومة؟

لكن الحقيقة التي يتغافل عنها العمدة عبد السلام البقالي أو يحاول تبريرها بتعقيدات الإجراءات، هي أن تأجيل البت في موضوع التدبير المفوض لقطاع النفايات ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل التخبط والعشوائية الذي يميز تسيير مدينة فاس. كيف يمكن لعمدة مسؤول أن يؤجل أحد أهم الملفات التي تمس بشكل مباشر صحة وسلامة المواطنين، وهو ملف النظافة، دون أن يقدم أي توضيحات شفافة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير؟

المجلس الجماعي لمدينة فاس، في جلسة استثنائية، قرر تأجيل البت في موضوع تدبير قطاع النفايات، رغم كونه أحد البنود الحساسة في جدول الأعمال. هذا القرار أثار تساؤلات مشروعة ليس فقط لدى أعضاء المجلس، بل أيضاً لدى المواطنين الذين يزداد قلقهم إزاء تراكم الأزبال في الشوارع. فاس، المدينة العريقة، أصبحت تعيش على إيقاع الأوساخ والروائح الكريهة بسبب سوء التدبير وضعف الرؤية الواضحة لإدارة قطاع النظافة.

انتهاء عقد شركة “أوزون” المكلفة سابقا بتدبير قطاع النظافة، وغياب خطة انتقالية واضحة، أوقع المدينة في مرحلة انتقالية غامضة. نعم، تم تكليف شركة أخرى مؤقتا لإدارة القطاع في بعض مناطق فاس العتيقة وجنان الورد، لكن إلى متى؟ وما هي الضمانات بأن هذه المرحلة المؤقتة لن تتحول إلى فوضى دائمة؟

وفي الوقت الذي يتحدث فيه العمدة عن إجراءات معقدة وصفقات من “الجيل الجديد”، يبقى الواقع هو أن المواطنين يتكبدون معاناة يومية مع القمامة المتناثرة في كل مكان. فهل الانتقال إلى الجيل الجديد من الصفقات يعني المزيد من التأخير والمزيد من التلوث؟

البقالي يراهن على ثقة العاملين واستمرارية الخدمة، لكن أي ثقة يمكن أن تكون في ظل إدارة مترددة، تؤجل القرارات الحيوية دون مراعاة لتبعات هذا التأخير؟ المشكلة ليست في “الملفات التقنية المعقدة” كما يحاول أن يوهمنا العمدة، بل في غياب الجدية في معالجة هذا الملف الحساس بشكل عاجل وحاسم.

المواطنون في فاس ينتظرون من مجلسهم الجماعي أن يكون عند مستوى المسؤولية، أن يتحرك بسرعة ودون تأجيل، لأن الصحة العامة والنظافة ليستا أمورا قابلة للمساومة أو التأجيل..الأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور، لكن المؤكد هو أن سكان فاس قد سئموا الوعود الفارغة والعشوائية في التسيير والتدبير.

الاخبار العاجلة