بقلم :مصطفى مجبر/المغرب العربي
في الوقت الذي يحتفل فيه عمدة فاس، عبد السلام البقالي، بإنجاز جديد يضاف إلى سجله عبر إحداث مجلس مجموعة الجماعات الترابية “فاس مكناس للتوزيع”، تبقى العديد من التساؤلات معلقة في أذهان المواطنين. هذه الخطوة، التي قدمت على أنها جزء من التحول نحو نموذج جديد لإدارة الخدمات العمومية، تبدو في الواقع محاولة جديدة لتوسيع دائرة البيروقراطية وإغراق الجماعات المحلية في مزيد من التعقيد الإداري.
من السهل جدا التحدث عن رؤى استراتيجية وتحولات كبرى، ولكن من الصعب تجسيدها على أرض الواقع دون خطط واضحة ومحددة. البقالي يروج لهذه المجموعة على أنها الحل السحري لكافة مشاكل توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي، لكن التجارب السابقة تعلمنا أن مثل هذه الخطط الطموحة غالباً ما تصطدم بواقع الفساد وسوء الإدارة التي تعاني منها الجهات المختلفة.
الأمر الذي يثير الاستغراب هو التبعية المطلقة لوزارة الداخلية في تعيين أعضاء مجلس الإدارة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى استقلالية هذه المجموعة وقدرتها على اتخاذ قرارات فعالة تستجيب لحاجيات السكان. كيف يمكن لهذه المجموعة أن تعمل بفعالية وهي مرتهنة لرغبات الوزارة ورئيسها، دون وجود آليات رقابة حقيقية من قبل السكان الذين يفترض أن تكون هذه الخدمات موجهة لهم؟
ثم هناك مسألة إشراك الجماعات الترابية الـ194 في الجهة، وهو رقم ضخم يتطلب تنسيقا عاليا وجهودا جبارة لضمان تمثيل حقيقي وشامل. ولكن من يضمن أن مصالح هذه الجماعات سيتم تمثيلها بشكل عادل في مجلس الإدارة؟ أم أن الأمور ستسير وفقا للولاءات السياسية والمحسوبية، كما هو الحال دائما؟
إن تعزيز التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية للسكان لا يتحقق بالخطابات الرنانة، بل بالعمل الجاد والشفاف على أرض الواقع. وإذا كان البقالي جاداً في تحسين جودة الخدمات، فعليه أن يبدأ بالإجابة عن هذه التساؤلات الملحة، وأن يظهر للشعب خطة عمل واضحة تتجاوز الوعود والتصريحات الإعلامية. بدون ذلك، سيظل مشروع “فاس مكناس للتوزيع” مجرد مبادرة أخرى تضاف إلى قائمة الوعود غير المحققة التي لا تعد ولا تحصى.