رؤساء الجامعات الرياضية في المغرب: مسؤولون عن الفشل ومحصنون من المحاسبة

مصطفى مجبر15 أغسطس 2024
رؤساء الجامعات الرياضية في المغرب: مسؤولون عن الفشل ومحصنون من المحاسبة
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

مصطفى مجبر

لقد بات من الواضح أن رؤساء الجامعات الرياضية في المغرب يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية عن الفشل الذريع الذي شهدته الرياضة الوطنية في أولمبياد باريس 2024. هؤلاء المسؤولون، الذين يتمتعون بمناصبهم وكأنها حكرا لهم، فشلوا في تحقيق أي إنجازات تذكر، ورغم ذلك يستمرون في مواقعهم دون محاسبة أو مراجعة لأدائهم.

التقصير والإهمال أصبحا سمة مميزة لإدارة هذه الجامعات، التي يبدو أن رؤساؤها مهتمون أكثر بالاستفادة من المناصب والمزايا الشخصية، بدلًا من خدمة الرياضة المغربية وتطويرها.. كم مرة سمعنا عن نفس الوجوه ونفس السياسات العقيمة التي لم تحقق شيئًا سوى المزيد من الخيبات والنتائج المخيبة؟ هؤلاء المسؤولون يتفننون في تبرير الفشل والإصرار على الاستعانة بأطقم فنية ضعيفة وغير كفؤة، وكأنهم يسيرون على نفس الدرب الخاطئ دون أدنى نية لتغيير المسار.

إن بقاء هؤلاء الرؤساء على رأس الجامعات رغم تكرار نفس الأخطاء وإخفاقاتهم المتواصلة يعكس وجود مشكلة أعمق في منظومة الرياضة المغربية. كيف يمكن لبلد يسعى لتحقيق التفوق الرياضي أن يثق بقيادات أثبتت مرارًا وتكرارًا عجزها عن تحقيق أدنى مستويات النجاح؟ بل كيف يمكن لهذه القيادات أن تظل في مناصبها دون محاسبة أو حتى مساءلة؟

المشكلة ليست فقط في الفشل، بل في غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح. رؤساء الجامعات الرياضية يبدو أنهم يفتقرون إلى الرؤية والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة التي تصب في مصلحة الرياضة الوطنية. إنهم جزء من منظومة تقليدية متحجرة لا تهتم بتطوير المواهب ولا بتوفير الظروف المناسبة لتحقيق الإنجازات.

من المؤكد أن خيبات الأمل أصبحت تتوالى في الرياضة المغربية على الصعيد الدولي، وهذه المرة جاءت صادمة في أولمبياد باريس 2024. من الواضح أن الرياضة الوطنية تعيش أزمة حقيقية، تعكسها النتائج الهزيلة في مجموعة من الرياضات التي كانت تمثل نقاط قوة للمغرب. رياضة الملاكمة، التي طالما كانت مصدر فخر وميداليات للمغرب، شهدت تراجعًا مخيفًا. لم يستطع أي من الملاكمين المغاربة تسجيل أي إنجاز يُذكر، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا التدهور.

وفي رياضات أخرى، لم يكن الوضع أفضل. التيكواندو والجودو، الرياضتان اللتان لطالما كان يعوّل عليهما في تحقيق بعض الميداليات، فشلتا بشكل ذريع، إذ لم تتمكن المشاركات المغربية من تجاوز الأدوار الأولى. هذا الأداء الضعيف ليس جديدًا بل هو استمرار لسلسلة من النتائج المخيبة التي اعتدنا عليها في السنوات الأخيرة.

أما في رياضة الدراجات الهوائية، فالوضع يبدو أكثر بؤسًا. هذه الرياضة لم تستطع على مدار عقود تقديم أي أداء يليق بالمسابقات الدولية، ما يعكس غياب استراتيجية واضحة ورؤية بعيدة المدى لتطوير هذه الرياضة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة على مستوى التدريب والتأهيل.

في ظل هذه النتائج المزرية، تتعالى الأصوات المطالبة بمحاسبة رؤساء الجامعات الرياضية الذين عجزوا عن إحداث أي تغيير يُذكر. السؤال المطروح: إلى متى سيظل هؤلاء المسؤولون على رأس الهرم الرياضي رغم تكرار نفس الأخطاء واعتمادهم على إدارات فنية تفتقر إلى الكفاءة والفعالية؟

المسؤولية لا تقع فقط على عاتق رؤساء الجامعات الرياضية، بل على منظومة رياضية كاملة تحتاج إلى إعادة نظر جذرية. إذا أردنا للرياضة المغربية أن تستعيد مكانتها على الساحة العالمية، فإن الإصلاحات يجب أن تكون شاملة وتمس كل جوانب الرياضة، من إعداد الرياضيين وتدريبهم إلى كيفية إدارة الجامعات الرياضية وتقييم أدائها.

إن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخيبات، وسيبقى الأمل في إصلاحات حقيقية مجرد حلم بعيد المنال ما لم تتحرك الجهات المعنية لإحداث تغيير جذري وشامل.

لقد حان الوقت لتغيير جذري في القيادة الرياضية بالمغرب. إن استمرار هؤلاء الرؤساء في مناصبهم يمثل إهانة لكل من يؤمن بقدرة الرياضة المغربية على المنافسة دوليا. إنهم المسؤولون المباشرون عن تراجع الرياضة الوطنية، ويجب أن يواجهوا المحاسبة، وإلا فإن الرياضة المغربية ستظل رهينة لأخطائهم وعجزهم، ولن ترى النور في أي محفل دولي.

الاخبار العاجلة