بقلم: مصطفى مجبر //المغرب العربي بريس
في قلب المدينة العتيقة بفاس، حيث يتشابك عبق التاريخ مع نبض الحياة اليومية، تواجه الساكنة والتجار تحديات جديدة تهدد استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي. “باركينغ باب الجديد”، الذي كان من المفترض أن يكون حلا لمشكلة ازدحام السيارات، أصبح عبئا إضافيا يثقل كاهل السكان والتجار على حد سواء..، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وركود الحركة التجارية، جاء هذا الموقف ليضيف معاناة جديدة بإكراهاته المالية والإدارية، فارضا رسوما باهظة ومتطلبات بيروقراطية معقدة… كيف يمكن لهؤلاء المواطنين البسطاء أن يواجهوا هذه التحديات في ظل واقع اقتصادي صعب؟ وكيف يمكن لزوار المدينة، الذين كانوا يشكلون شريانا حيويا للاقتصاد المحلي، أن يجدوا تشجيعا في ظل هذه الظروف القاسية؟، يبدو ان السياسات وكأنها تزيد الطين بلة، بدلاً من أن تكون حلاً منصفًا ومستدامًا
إن موقف السيارات “باركينغ باب الجديد” بفاس اصبح يشكل تحديا كبيرا للسكان والتجار المحليين، نظرا للإكراهات الاقتصادية والإدارية التي يفرضها. فالسعر المبالغ فيه لمبيت السيارة، والذي يبلغ 40 درهمًا، يمثل عبئا ماليا إضافيا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها المدينة وركود الحركة التجارية، إذ كيف يمكن للتجار، الذين يعانون بالفعل من تراجع الأرباح وارتفاع تكاليف المعيشة، أن يتحملوا هذا العبء اليومي دون أن تتأثر أعمالهم سلبا؟
الإجراءات التعجيزية التي يفرضها الباركينغ للحصول على الاشتراك الشهري تضيف طبقة أخرى من الصعوبة، فالطلبات المتعددة للوثائق مثل رقم السجل التجاري، الذي يجب أن يبقى خاصا بالمصلحة الضريبية، بالإضافة إلى شهادات تثبت الحرفية، تخلق تعقيدات لا داعي لها. هذه الإجراءات ليست فقط مرهقة ولكنها غير مبررة، وتبدو كأنها تهدف إلى تقليص عدد المستفيدين من هذه الخدمة بدلا من دعمهم.
وبالنسبة للسكان، فإن الطلب على شهادة السكنى لإثبات أنهم من أبناء الحي هو تدخل غير مبرر في خصوصياتهم. هذه الشروط التعجيزية تزيد من تعقيد الحياة اليومية وتساهم في الشعور بالاستياء والإحباط..، فكيف يمكن لسكان الحي تحمل هذه البيروقراطية المرهقة في الوقت الذي يسعون فيه للعيش بكرامة؟
أما بالنسبة للزوار، فإن رسوم الوقوف الباهظة التي تصل إلى 3 دراهم للساعة تشكل حقا عائقا كبيرا امام أي شخص أتته فكرة أن يطل على فاس البالي.. فبدلا من تشجيع السياحة وزيادة الحركة الاقتصادية في المدينة العتيقة، تبدو هذه السياسة وكأنها تهدف إلى إبعاد الزوار، بل فإن الكثير منهم سيبحث عن بدائل أقل تكلفة، مما سيؤدي إلى تراجع عدد الزوار وبالتالي إلى انخفاض المبيعات في الأسواق المحلية.
يا سادة يا كرام، إن المدينة العتيقة في فاس هي القلب النابض للتجارة والسياحة، والقرارات الإدارية التي تزيد من تكاليف الوقوف والإجراءات المعقدة تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي، لذلك يجب أن تعيد السلطات النظر في هذه السياسات بما يتناسب مع مصلحة السكان والتجار، وأن تبتعد عن فرض أعباء مالية وإدارية لا تطاق، لضمان استمرارية الحياة الاقتصادية والحفاظ على التراث الثقافي للمدينة، وبدلا من استغلال الحاجة الملحة للسكان والتجار إلى أماكن الوقوف، يجب توفير حلول عملية ومناسبة تشجع على التجارة والسياحة، وتدعم السكان في حياتهم اليومية، مما سيساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي وتحسين جودة الحياة في المدينة.
واخيرا، وفي ظل هذه التحديات المتزايدة، تبرز تساؤلات جوهرية حول الغايات الحقيقية وراء هذه السياسات المجحفة التي تثقل كاهل سكان وتجار المدينة العتيقة بفاس…، إن استمرار فرض رسوم باهظة وإجراءات بيروقراطية معقدة لا يسهم إلا في زيادة معاناة الناس وتقليص الحركة الاقتصادية والسياحية في قلب المدينة، تريدون ان تستثمروا في فاس؟! فبالله عليكم كيف تستثمرون في فاس وهي تحتضر؟!, هل يمكن أن يكون هناك هدف أسمى من الحفاظ على التراث الثقافي ودعم الاقتصاد المحلي، أم أن هناك مصالح خفية تعمل على إقبار مدينة فاس وإبعادها عن دورها الحيوي في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد؟
من مصلحة من أن تتحول مدينة فاس، التي كانت على مر العصور منارة للعلم والتجارة، إلى مجرد ذكرى باهتة في سجل التاريخ؟ إنه نداء عاجل للسلطات لإعادة النظر في هذه السياسات والعمل على خلق بيئة تساهم في رفاهية السكان وتشجيع السياحة ودعم التجارة المحلية، لضمان أن تبقى مدينة فاس نابضة بالحياة والحيوية التي عرفتها عبر القرون. وعدا ذلك فلك الله يا فاس وما بأيدينا سوى الدعاء لك باليمن والبركات .