فاس بين الواقع المر ووعود العمدة بالخيال العلمي في ظل سياسة “زوق تبيع”!

مصطفى مجبر19 مايو 2024
فاس بين الواقع المر ووعود العمدة بالخيال العلمي في ظل سياسة “زوق تبيع”!
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

في زمن يسود فيه الحديث عن تحول مدينة فاس إلى جوهرة ساطعة تلمع في سماء السياحة العالمية، يغوص سكانها يوميا في بحر الواقع المرير، حيث يتجاهل السيد العمدة والمجلس الجماعي مشاكلها ويخضعها لعمليات تجميلية سريعة، تفتقر إلى الجرأة والرؤية الحقيقية للتحديات التي تواجه المدينة.

تحوم وعود العمدة بجعل فاس أجمل مدينة في العالم خلال السنوات القادمة شيء يمثل نوعا من الكوميديا السوداء، تضحك على مآسي سكانها الحقيقية.
فمن السهل رفع راية التفاؤل والجمال، ولكن من الصعب تحقيقها في ظل إدارة تعاني من الاختلالات والفساد، وتفتقر إلى الإرادة الحقيقية للتغيير.

تحولت تصريحات العمدة خلال دورة ماي حول تحول فاس إلى أجمل مدينة في العالم خلال سبع سنوات إلى موضوع ساخن يثير الجدل والاستياء بين سكان المدينة.

فمن السهل إلقاء وعود جميلة ولكن من الصعب تحقيقها على أرض الواقع ما سبق، يطرح تساؤل ما إذا ستبقى فاس على هذا الوضع المأساوي؟ أم أنها ستستيقظ من سبات الإهمال وتحقق تطورا حقيقيا يليق بمكانتها العريقة في تاريخ المغرب؟ دعونا نلقي نظرة عميقة على هذا السؤال، ونكشف الستار عن واقع مدينة فاس وراء أقنعة الجمال والوعود الخيالية

عمدة المدينة رفع راية التفاؤل بتصريحاته حول تحول فاس إلى أجمل مدينة في العالم خلال سبع سنوات، بدافع استعدادها لاستضافة مونديال 2030. لكن، هذه التصريحات تبدو كوعود وهمية في ظل تفاقم البطالة وقلة الاستثمارات الموجهة نحو تطوير البنية التحتية وخلق فرص الشغل.

المشكلة لا تقتصر على الواجهة السياحية للمدينة، بل تمتد إلى أعماقها، حيث تتراكم النفايات في الشوارع وتتلاطم الحاويات المكسورة بمنظر مثير للدهشة، وسط تجاهل يبدو عارا عن القلب والحس.

كلنا يعلم ان فاس تحولت من رمز للحضارة والثقافة إلى مسرح للاستغلال والإهمال… فالمدينة باتت تعاني من نقص البنية التحتية والنقل الحضري واكتظاظ السكان والفقر المدقع …واقل ما يمكن قوله هو نتائج تعكس فشلا حكوميا وإداريا مدمرين.

وفي الواقع، ومن اجل مواجهة هذه التحديات، تحتاج فاس إلى تحول جذري، يستند إلى رؤية واقعية وإلى إرادة حقيقية للتغيير. فلا يكفي الاعتماد على وعود فارغة وإظهارات وهمية، بل يجب العمل بجد واجتهاد لتحقيق التنمية المستدامة ولصيانة ما تبقى من هوية وجمال فاس الأصيلة.

لذا، يجب على سلطات المدينة والمسؤولين المحليين أن يستمعوا إلى صوت الشارع وأن يتخذوا إجراءات عملية لمعالجة هذه الإشكاليات، وأن يضعوا خططا واضحة وبرامج عمل ملموسة وإلا فإن فاس ستظل محكومة بأن تكون مدينة “الواجهات” فقط، وسط أحضان الإهمال والفشل المستمر.

ربما ينظر العمدة إلى المدينة من خلال نظارات ملونة، تخفي الواقع الصعب الذي يعاني منه سكان فاس يوميا.. فالحديث عن جعل فاس أجمل مدينة في العالم يبدو كخيال في عقول الكثيرين، خاصة وأنها تعاني من مشاكل جمة أهمها قلة النظافة ورداءة الطرق والفقر وانعدام فرص العمل والتعايش أسعار المعيشة على جميع المستويات وتوسع رقعة الجريمة.. والشيء بالشيء يذكر!.. فلا يكفي أن يتجول العمدة في شوارع المدينة ويتحدث عن رؤاه الجميلة، بينما تتراكم النفايات في الشوارع وتتكدس الحاويات المكسورة في أرقى احياء المدينة، فإن كانت هذه هي الرؤية الجديدة للجمال، فماذا عن الواقع القاسي الذي نعيشه كل يوم بين ظهرانيها؟!.

يبدو أن العمدة يعاني من انعزال عن واقع المدينة ومشاكلها، حيث يفتقر إلى الحس الحقيقي للمعاناة التي يواجهها سكان فاس يوميا. فالتصريحات الجميلة والكلام المعسول لا يكفي لحل المشاكل، بل من المؤكد أن مسألة التغيير تتطلب وضع الأصبع على الجرح ومن ثمّ علاجه ببذل جهد حقيقي وإرادة جادة.. لهذا مهما وصلت إليه فاس من مستويات الإهمال، ففاس تحمل معها تاريخا عريقا وثقافة غنية بشهادة التاريخ نفسه والعالم بأكمله. ومع ذلك، دعونا نضع أصبعنا على بعض الجرح وليس كله، إذ يبدو أن إدارة المجلس الجديد تعاني من اختلالات خطيرة، حيث يتابع بعض أعضائه بتهم خيانة الأمانة وتبذير الأموال العامة والاغتناء غير المشروع، مما يضعف الثقة في السلطات المحلية ويفقد المواطنين الأمل في التغيير الإيجابي.

أما فيما يتعلق بالنظافة، فإن الشركة الخاصة المكلفة بالنظافة تثير الانتقادات بعجزها عن أداء واجباتها بشكل كافٍ، وتفشل الحكومة المحلية في توفير الحاويات اللازمة، مما يترك المدينة تعاني من فوضى النفايات، خاصة مع اقتراب فصل الصيف وعيد الأضحى.

وبالنسبة لشركة النقل الحضري، فقد أظهرت فشلا ذريعا في مسايرة احتياجات السكان وتجديد الحافلات، مما يؤدي إلى تدهور الخدمات واستياء المواطنين..، كما أنه من المعلوم ان فاس تعاني من تأخر شديد بالمقارنة مع المدن الكبرى الأخرى في المملكة، سواء من ناحية التنمية الاقتصادية أو العمرانية، فالطرق الضيقة ونسبة عالية من البنايات القديمة تعكس صورة سلبية عن مستقبل المدينة، وتفتقر إلى رؤية طموحة تسعى لتطوير شامل ومستدام

.ففي ظل وعود العمدة بتحويل فاس إلى أجمل مدينة في العالم، يبدو الواقع المرير الذي يعاني منه سكان المدينة بعيدا عن أحلام الجمال والرفاهية المزعومة. ومن الواضح أن التحديات التي تواجه المدينة تتطلب أكثر من مجرد تصريحات ووعود فارغة.

إن فاس بحاجة إلى قادة يتحدون الواقع بكل جرأة ويتعاملون مع المشاكل بجدية ومسؤولية، بدلا من در الرماد في العيون والضحك على الذقون والغوص في أحلام الخيال التي لا تجدي نفعا في ظل واقع مرير يعاني منه سكان المدينة.

على الرغم من وعود العمدة ببناء فنادق مصنفة بخمس نجوم، إلا أنه يبدو أن هذه الوعود تبقى على مستوى الكلام، دون ترجمة فعلية على الأرض. فلماذا يتم التركيز على الفنادق دون تطوير الصناعة والشركات والجامعات العليا؟ هل يعتبر تطوير الفنادق أولوية حقيقية بالنسبة للمجلس المحلي، أم أن هناك أولويات أخرى أكثر أهمية يجب التركيز عليها؟

يجب على العمدة والمجلس المحلي أن يستيقظوا من سبات الإهمال والتقاعس، وأن يتخذوا إجراءات عملية وفعالة لمعالجة التحديات التي تواجه المدينة، وألا يكونوا مجرد مراقبين لفشل النظام الحالي، بل يكونوا قادة حقيقيين يسعون لتحقيق تغيير إيجابي يعود بالفائدة على سكان المدينة ويعيد لفاس مكانتها الرفيعة بين المدن العريقة في المملكة.

في النهاية، يبدو أن مدينة فاس تعيش في حالة من الانتظار المرير، تنتظر الصحوة والتغيير الحقيقي الذي يعيد لها بريقها ورونقها. فالوعود الخيالية للعمدة والمجلس المحلي لن تكفي لتحسين واقع المدينة، لذلك، فإن استمرار الإهمال والفساد لن يؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الخدمات واستياء السكان، ومع وعود العمدة وحتى وإن تحققت فعليا، فهذا سيجعل من فاس مجرد واجهة جميلة تخفي وراءها واقعا مريرا يعاني منه سكانها يوميا، لذا،وكاول خطوة للتغيير، يجب على العمدة والمجلس المحلي أن يستيقظوا من غفلتهم ويبدؤوا باتخاذ إجراءات فعالة لتحسين واقع المدينة وتلبية احتياجات سكانها، وأن يكونوا قادة حقيقيين يسعون لتحقيق التغيير الإيجابي الذي يستحقه أهل فاس, وليس باتباع سياسة الزواق والنفاق، وإلا فإن أهل فاس سبق وان قالوها:” العكار فوق الخنونة،”، “ ويا المزوق من برا اش اخبارك من الداخل”.

الاخبار العاجلة