بقلم: مصطفى مجبر
في عالم تتسارع به أحداث الحياة، تكمن قيمة الطيبة فيما نقدمه من دعم ومساعدة لبعضنا البعض،عندما نمد أيدينا لنقدم العون، ننسج خيوط الرحمة والتضامن فيما بيننا، بعيدا عن نوع الدين أو الجنس أو العرق، كل من يخط صفحته بقلم عطائه وكأننا نكتب سويا فصلا من رواية الإنسانية، لأن مساعدة الآخرين تكون كصفحة بيضاء نكتب عليها بأقلام الإحسان والعطاء، فتنمو فيها زهور الأمل والفهم المتبادل..
لم تكن الطيبة أبدا ضعفا ولا خنوعا، فلطيبة تعتبر جسرا يربط بين قلوبنا، وحينما نقدم الدعم بروح السخاء، نبني جسورا تمتد عبر التحديات وتذلل الصعوبات..
في هذا العطاء الجميل، نجد أنفسنا ننقل الحمل الثقيل من كتف إلى كتف، كما تنتقل أشعة الشمس لتنير طريق الآخرين في ظلمات الأزمات والعراقيل التي ترهقنا بها الحياة ومطباتها. وكما يقولون، “العطاء يتكاثر بالعطاء”، حيث يكون لمساعدتنا ذلك التأثير او بالأحرى الأثر القوي في قلوب الآخرين.. فنحن نستمد قوتنا من قيمة العون والطيبة، ففي كل يد تمتد لتساعد، هناك قصة أمل جديدة تكتب في سجل الإنسانية بأحرف من الرحمة والإيثار.
في جوهر العطاء ومد يد العون للآخرين، تنبثق قوة لا تقل أهمية عن قوة الشجاعة والقوة الجسدية..فنحن عندما نفتح قلوبنا ونمد يد العون بكل رحابة، يكون العطاء انعكاسا لعظمة الروح والقوة الداخلية، حيث ينبع ذلك من قناعة مرسخة، مفادها بأن تقديم المساعدة ليس ضعفا بل هو تجسيد للفهم والتعاطف والقيم النبيلة التي تسكن كل واحد منا في عالم يمتلئ بالتحديات ويطغى عليه الأنا، هذه القوة تنعكس في قدرتنا على تحويل الصعاب إلى فرص، والسلبية الى إيجابي، حيث يصبح العطاء سلطانا يهزم الانغماس في الانطواء والعزلة.. وبفضل تلك القوة فقط، نشعر بالرغبة في المضي قدما داخل سراديب الحياة.
إن قوة الخير تتجلى في لحظات تنادي بالإنسانية وتنسج خيوطا مشرقة في سماء الوجود عبر حبك أنسجة الحب والخير التي تتفتح كالزهور البرية النادرة الوجود والتي تستقطر منها أغلى العطور، تجدها تعبق الهواء برحيق العطاء وتملأ الأفق بضياء الأمل.
عندما يمد الإنسان يد العون، يطفئ شرارة اليأس في قلب الآخرين، ويسطع نجم الأمل في سماء حياتهم.. ففعل الخير ليس مجرد لحظة عابرة، بل هو نغمة تعزفها أيدي الرحمة، تلامس أوتار الحياة بلطف وتحمل في طياتها فرحة العيش المشترك، فرحة تجعل فاعل الخير يغمر بالسعادة ومتلقي الخير يشعر بانشراح بعد شدة وضيق.. ففعل الخير وتقديم العون يكون كالماء النقي الذي يروي عطش الأرض، يجعل القلوب تنمو وتزدهر بالأمل والسعادة وحب الحياة، لسبب بسيط، هو أن قوة الخير تكمن في قدرتها على تشكيل واقع أفضل، حيث ينبت الخير من جذوره وينتشر كأمواج البحر ليلامس كل شاطئ في هذا العالم.
لذا، في تبادل الخير يتجلى جمال الحياة، وفي زرع بذور الرحمة تنمو حقول السلام… وتقديم العون والمساعدة ليس فقط بشكل مادي او تقديم مبلغ من المال، بل إن الكلمة الطيبة وزرع الأمل في الآخرين قد ينقذ حياة إنسان على حافة الهلاك والضياع، إن قوة الخير عمموما تتجسد في فعل صغير يخفي خلفه تأثيرا كبيرا، فكن مؤثرا حسب استطاعتك وقدم ما استطعت تقديمه، وإن لم تستطع ذلك فاصمت فإن الصمت لغة العظماء وحافظ على ما خلقه الله فيك من الصفات الإنسانية النبيلة لتعزف سيمفونية من الجمال في حياة الآخرين.