“الحريك”.. شباب يعزف على أوتار الموت من أجل الحياة

مصطفى مجبر3 ديسمبر 2023
“الحريك”.. شباب يعزف على أوتار الموت من أجل الحياة
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

عندما يلامس الإنسان حدود اليأس، ويختنق بين جدران الأمل المتهالك، ينطلق نحو البحر كالشاعر الذي يبحث عن قافية مفقودة في لحظات الغياب…يراوده حلم المغامرة، فيبحث عن قارب يقوده نحو شواطئ الحرية والتحدي، وراء سحر الأفق الذي يعد بمستقبل مليء بالفرص والأحلام المحققة..
في هذه اللحظة ..تلامس أمواج البحر وجدران الزوارق جسد الموت، وتتحول رحلة الهجرة إلى أوروبا إلى قصيدة حزينة وجريئة في وسط ليل يملأه الظلام…لينطلق الشباب في رحلة المغامر نحو المجهول، يجسدون أحلاما تسكن قلوبهم، يتحدون الموت في محاولة يائسة لتحقيق تلك الأحلام.

على شاطئ البحر، تتوارى الشمس خلف الأفق، وتتسلل الأمواج كالجبال عن تحديات الرحيل… أما الزوارق الهشة فتملأها أحلام الشباب، ومع كل ضربة للمجاديف، يكوّنون لوحة من الأمل تنازع الأمواج المظلمة.

في قلب اللحظات الصامتة، يروون قصصهم على أوراق البحر، يتنقلون بين الذكريات والتطلعات… يحلمون بحياة أفضل، بعيدا عن قيود الواقع القاسي، ويتسائلون إذا كانت تلك الزوارق الهشة ستسلك طريق الأمان أم تسقط في فخ الهاوية.

في ظل هذا البحث الجنوني عن الأحلام وتحقيقها، ينعكس بحر الهجرة وكأنه مرآة تعكس الشجاعة واليأس، حيث يتحول المحيط إلى ساحة لمعركة يخوضها الشباب مع المجهول. يبحثون عن أمان وفرص جديدة، ورغم خطر الرحيل يظلون يطمحون إلى لحظة وصول تلوح في الأفق.

في غمرة الليل، تظل أمواج البحر تهمس بقصص تحدي وأمل، وفي وسط تلك الزوارق التي يقودها الموت، يتسابق الشباب بين الأمواج ليخوضوا رحلة لا تعد ولا تحصى نحو أفق يحمل بين طياته أحلامهم المنتظرة.
.
في هذه الرحلة الخطيرة، تتحول زوارق الموت إلى ركائب الأمل، تعصف بالمياه المالحة وتندفع نحو الغيوم التي تلون سماء الفجر… يسكب “الحراكون” أحلامهم في أعماق البحر حيث يغوصون في أمواج الشجب والإحباط، بحثا عن ميناء آمن يحمل مفاتيح حياة جديدة.
وفيما يتلألأ القمر ككاهن يمتطي مرمر السماء، يتسلل الشوق إلى قلب الراغبين في الهجرة، يسري في أوصالهم كدموع تبتلعها الأمواج… وهكذا، يجتاحهم الحماس كنار مشتعلة في ليل اليأس، يستعرضون حياتهم ليس فقط كملحمة لا تقاس بالأميال، بل بشجاعتهم في مواجهة الظروف القاسية.
في تلك اللحظات الفارغة بين الماضي والمستقبل والحاضر المميت، يعيشون قصة حب مع الحياة والموت على السواء، يتحدون موجات الألم بالإصرار والإيمان بأن الشطآن البعيدة ستستقبلهم بضيافة الحرية وكرامة العيش… ورغم أن البحر يمثل خطر الموت، إلا أنهم يعتبرونه جسرا إلى عالم أفضل ينتظرهم هناك.
إنها مغامرة الحياة التي تحمل في طياتها مشاعر الأمل والفداء… يركبون زوارق الموت وكأنهم فرسان يسيرون في ساحة المعركة، ينازعون الظروف بشجاعة، يتحدون المستحيل، وراء الحلم بحياة تتوهج بألوان الحرية والإنسانية.
ولا شك أنهم فضلوا الموت على الحياة ليس فقط بسبب الفقر وانعدام الفرص الاقتصادية كدافع أساسي لكن ايضا هناك عامل نقص الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية.
ناهيك عن الرغبة في لقاء التحديات إذ من الممكن أن يكون لديهم رغبة في تحدي ذاتهم وتوسيع آفاقهم من خلال تجربة حياة جديدة في بلدان أخرى.

معالجة هذه القضايا يتطلب جهودًا دولية لتحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص العمل وتعزيز الاستقرار في البلدان المصدرة.
وفي غمرة الأفق، تنساب خيوط الحلم والإحباط، حين يخوض الشباب المغربي رحلة الهجرة الغير شرعية نحو أوروبا او غيرها… في ظل ضعف الفرص الاقتصادية وانعدام الوسائل، يتعرض الشباب لضغوط مجتمعية تجبرهم على التفكير في مستقبلهم خارج حدود البلاد… يرسمون لنا لوحة من الأمل واليأس، حيث تتنوع القصص بين النجاح والفشل، وتظهر حقيقة المعاناة والتحديات التي يواجهونها في رحلتهم الشاقة.
وسط مأساة الهجرة غير الشرعية، تبرز الحاجة إلى تشجيع التعاون الدولي وتقديم الدعم للمغرب في تحسين ظروف الحياة وتوفير فرص العمل. إنها رحلة تعتمد على الشجاعة والإصرار، حيث يبحث الشباب عن فرصة لتكوين حياة تخلو من قيود اليأس وتنطلق نحو آفاق جديدة .

الاخبار العاجلة