دور “الإعلام ” في مسايرة قضيتي الكفاح نحو إستقلال المغرب ومواكبة حدث المسيرة الخضراء

دور “الإعلام ” في مسايرة قضيتي الكفاح نحو إستقلال المغرب ومواكبة حدث المسيرة الخضراء
المغرب العربي بريس

بقلم ذ مصطفى مجبر
كثيرة هي الملاحم التاريخية التي خاضها المغاربة عبر تاريخم المجيد، بمعية سلاطينهم وملوكهم الكرام، وذلك من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، وتحرير ما طمع فيه الأعداء داخل وطننا الغالي.
وبالتأكيد يعتبر عيد الاستقلال المجيد وذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، من أعظم هاته الملاحم التي سطرها المغاربة خلال القرن العشرين، تحت قيادة العرش العلوي المجيد خلال عهدي الملكين المرحومين، أب الأمة محمد الخامس ووارث سره مولانا الحسن الثاني طيب الله ثراهما.

بالفعل، تعتبر ذكرى عيد الإستقلال المجيد، حدثا كبيرا يخلد فيه المغاربة عقودا من الكفاح، ضد المستعمرالذي جثم على الصدر والأرض، فكان كفاح الشعب المغربي بكل أطيافه جزاءه بقيادة الملك محمد الخامس، الذي كان قصره العامر مركزا للتنسيق وإدارة المرحلة بحكمة وتبصر، أفشلت جميع خطط المحتل وأزلامه،فلم يجد المستعمر أمام هذا، إلا نفي رمز الأمة وملكها الشرعي مع عائلته الشريفة خارج الوطن، ظنا منه أنه بهذا السلوك الأرعن سيضعف موقف حركة كفاح الشعب المغربي، لكن هيهات…فالأمور لم تزدد إلا اشتعالا داخل البلاد، ولم يكن للشعب المغربي سوى مطلب واحد هو : رجوع السلطان الشرعي الملك محمد الخامس إلى عرشه وعائلته الشريفة إلى وطن حر مستقل عن عهد الحجر والحماية.

وأمام اشتداد المقاومة والكفاح، لم يجد المستعمر سوى الإدعان للواقع وإرجاع السلطان الشرعي للبلاد إلى عرشه والاعتراف باستقلال البلاد، التي ستبدأ مرحلة جديدة من البناء والتشييد، مثلها جلالة المغفور له محمد الخامس بقوله :” رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”
وهو بالفعل ما قام به الملك الحسن الثاني رحمه الله، مباشرة بعد توليه عرش أسلافه الميامين، وذلك بوضع أسس دولة حديثة بمؤسسات دستورية ديموقراطية، أساسها المشاركة والتعدد السياسيين، والتي أرفقها بوضع صرح البنى التحتية والمرافق والمخططات، القمية بتأهيل الاقتصاد الوطني في كل مجالاته الفلاحية والصناعية والمائية والخدماتية، وكذا تأهيل المؤسسات التربوية من أجل خلق أجيال متعلمة تساير التطورات العلمية المتسارعة.
لكن كل هذا لم ينس هذا الملك الحكيم، ضرورة استكمال الوحدة الترابية للملكة المغربية. إذ بعد استرجاع سيدي إفني، أخذ الملك الحسن الثاني رحمه الله تعالى يخطط لاسترجاع الصحراء المغربية، التي أكدت محكمة العدل الدولية بل كل الوثائق والمصادر التاريخية، ارتباط قبائل الصحراء عبر التاريخ، بالبيعة الشرعية للسلاطين والملوك الأشراف العلويين، فقرر الملك الهمام تنظيم مسيرة خضراء نحو أقاليمنا الجنوبية سنة 1975، لم يجد أمامها المحتل الإسباني سوى الإنسحاب تاركا الأرض لأصحابها.فكان هذا الحدث رمزا جديدا من رموز تلاحم الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد.هذا الحدث الذي عرف مشاركة متطوعين من بلدان شقيقة وصديقة، آمنت بعدالة قضيتنا الوطنية بالصحراء المغربية، التي ازدانت سنة 1979 باسترجاع إقليم واذي الذهب للوطن الأم.
لتبدأ إذن مشاريع النماء والإزدهار بصحرائنا كما هو حال الوطن بكامله، وهي المشاريع التي تواصلت في عهد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، والتي شملت كل الميادين والمجالات، والتي نقلت مدننا الجنوبية المسترجعة إلى مدن كبرى تنافس مثيلاتها في باقي وطننا الغالي، دون أن ننسى ما لقيه مقترح ملكنا المفدى والمتمثل في منح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم في ظل السيادة الوطنية، من صدى عالمي أربك خصوم وحدتنا الترابية، ليقر المنتظم الدولي بأنه الحل الواقعي والوحيد للمشكل المفتعل، وهو ما تم تنزيله بالفعل بعد الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، عن طريق تقاطر الدول في مختلف القارات لفتح قنصلياتها بالصحراء المغربية، ليأتي الخطاب الملكي الأخير بمناسبة المسيرة الخضراء المظفرة، ليؤكد على الدور القادم للواجهة المتوسطية لبلادنا بما فيها واجهة أقاليمنا الجنوبية، في تمتين مختلف العلاقات مع دول إفريقية استمرارا للدور التاريخي، الذي لعبته الدولة المغربية في إشعاعها الإفريقي اقتصاديا ودينيا وسياسيا.

ولقد كان للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع أدوار طلائعية، في مسايرة قضيتي الكفاح نحو الاستقلال والتحرر، وكذا مواكبة حدث المسيرة الخضراء،إذ رغم التضييق والمصادرة التي واجهت به سلطات الحماية الفرنسية، محاولات الوطنيين التعريف بقضيتنا وإيصالها للشعب المغربي، فقد تمكن هؤلاء الوطنيون من تأسيس مجلات وصحف تساير حركة كفاح الملك والشعب من أجل الاستقلال والحرية، ونذكر منها مجلة ” مغرب” التي نفعت في ترويج وجهة النظر الوطنية، وكذا مجلة ” السلام ” و جريدة ” أكسيون دو بوبل ” الناطقة بالفرنسية، وجريدة ” الحياة ” دون نسيان جريدة ” العلم ” و كذا ” الرأي العام “، هذا بالإضافة للمنشور السري والاتصال الشفوي للتواصل مع المواطنين في كل المناطق بالبلاد.

أماحدث المسيرة الخضراء فلايمكن تجاوز دور الإعلام بكل أنواعه في مواكبة التحضير للحدث العظيم منذ خطاب الحسن الثاني رحمه الله يوم 16 أكتوبر 1975 وكذا جميع المراحل الأخرى لغاية تحرير صحرائنا ورجوعها للوطن الأم.

لهذا فلا يسعنا ونحن نحتفل بذكرى عيد الاستقلال وذكرى المسيرة الخضراء، إلا أن نترحم على جميع شهدائنا الكرام، الذين رووا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن حتى ينعم بحريته، ويسترجع صحراءه ويدافع عنها، وفي مقدمتهم بطلي الإستقلال الملكين المعظمين محمد الخامس والحسن الثاني قدس الله ضريحيهما.

الاخبار العاجلة