بقلم: حنان الطيبي
وصلني مقطع فيديو قصير منذ ايام متداول على العالم الأزرق تنثر فيه صاحبة الفيديو نصائح زحلية حول “كيف تصبح مثقفا في اسبوع”، ومن خلال المقطع تقول السيدة إنه يكفي ان تشتري كتابا وتضعه بجانب فنجان قهوة وتلتقط صورة ذات جودة عالية ثم تقوم بنشره على حساباتك على السوشيال ميديا فيعتقد الناس أنك شخصا مثقفا وضليعا في كل شيء! ، ثم تستطرد صاحبة الفيديو في إسدائها للنصائح الغريبة قائلة إنه من الجميل جدا أن تكتب فوق الصورة عبارة ” كتاب رائع تعلمت منه الكثير وانصحكم بقراءته!”.
ليس هذا فقط، بل الأكثر منه صاحبتنا تنصح بالقيام بحيلة ذكية في هذا الموضوع للأشخاص الذين لا تساعدهم الظروف المادية في شراء كتاب، فما عليهم فقط هو أخذ الصورة الملتقطة من الشخص الأول وإعادة قصها وتنزيلها على مواقع السوشيال ميديا مع التعليق ب:” احسن كتاب قرأته في حياتي!”.
هذا من جهة، اما من ناحية اخرى فتقول صاحبة الفيديو إن الشخص يمكنه التقاط بعض الكلمات الصعبة للدلالة على أنه شخص مثقف ومن الضروري توظيف تلك الكلمات في التحاور مع الناس حتى يعتقدون أنك شخص مثقف وراقي فكريا وعقليا لكون الثقافة اصبحت بريستيجا يكمل اناقة المظهر وماركة العطر الذي ترشه على نفسك!.
في هذا السياق استحضرتني مقولة للكاتب أدهم شرقاوي في مقال له بعنوان “كتابات لم نكتبها”، حيث قال “وصلني مرة كلام منسوب لديستويفسكي، فنشرته كما وصلني، ليتبين بعد ذلك أن الكلام لكاتبة سعودية! انزعجتُ يومها كثيراً، فأنا وإن كنتُ لا أتحمل مسؤولية جرمية، فعلى الأقل أتحمل مسؤولية أخلاقيَّة!”.
ما قاله الشرقاوي إن دل على شيء فإنما يدل على مدعي الثقافة الذين تكاثروا على مواقع السوشيال ميديا كنبات الفطر البري الذي ينبت عشوائيا حول الأشجار الغابوية والذي غالبا ما يكون ساما، فلا أنت قمت بزرعه ولا أنت مطمئن لأكله!.