الأمم المتحدة تقف عاجزة أمام الغزو الروسي لأوكرانيا

رئيس التحرير26 فبراير 2022
الأمم المتحدة تقف عاجزة أمام الغزو الروسي لأوكرانيا

كما حدث عام 2003 مع غزو الولايات المتحدة للعراق، أثبتت الأمم المتحدة مرة أخرى عجزها عن منع الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وهو عجز تجلى ليل الأربعاء الخميس في اجتماع طارئ لمجلس الأمن.

في مستهل الجلسة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش روسيا إلى عدم شن عملية عسكرية في أوكرانيا، قبل أن يضيف بدهشة مع بدء الهجوم قائلا، “لم أصدق” شائعات الغزو الوشيك، مؤكدا أنه كان “مقتنعا بأنه لن يحدث أمر خطر. كنت مخطئا”.
وناشد غوتيريش في نهاية الجلسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يوقف هجومه.

جاء إعلان دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا في منتصف الجلسة الطارئة لمجلس الأمن. وواصل أعضاء المجلس، رغم إخطارهم بالأمر من خلال هواتفهم المحمولة، قراءة خطاباتهم المعدة سلفا محذرين من مخاطر الغزو… الذي بدأ بالفعل.

تحدث العديد من الأعضاء مرة أخرى في نهاية الاجتماع منددين بموسكو، مع تصريحات حادة متبادلة خصوصا بين السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا ونظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا. ومن قبيل الصدفة والمفارقة، يتولى الأخير رئاسة مجلس الأمن في فبراير.

بالنسبة لسيرغي كيسليتسيا، جاء رد فعل الأمم المتحدة على التهديد الروسي متأخرا للغاية، وقد طغى عليه إحجام أمينها العام عن انتقاد روسيا لأسابيع.

ولكن ما الذي يمكن أن تفعله الأمم المتحدة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمنع النزاعات؟ ليس الكثير في الواقع. لمدة 77 عاما، أثبتت المنظمة أنها غير قادرة على منع حرب يبدأها أحد أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين، سواء كانت الولايات المتحدة في العراق أو روسيا في أوكرانيا.

تراجعت مصداقية المؤسسة المتعددة الأطراف بشكل خطر، وهي واحدة من المؤسسات القليلة التي لم يتم إصلاحها لتأخذ في الاعتبار تطور عالم أصبح متعدد الأقطاب.

الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن – الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة – هم الوحيدون الذين يقودون مسيرة العالم، ما حصر دور المنظمة تقريبا في تقديم المساعدات الإنسانية عند وقوع كوارث طبيعية أو نزاعات، وفي أقصى الحالات منع توسعها.

لم يتغير شكل المؤسسة ذاته، بأعضائها الخمسة عشر، عشرة منهم غير دائمين، والإصلاح الهادف إلى توسيعها لتعكس عالم اليوم بشكل أفضل، معطل منذ سنوات.

ميثاق الأمم المتحدة الذي تتهم موسكو بانتهاكه بغزوها أوكرانيا، لا ينص على أي استبعاد لأعضائها إذا بدأوا حربا. وينص الميثاق على تعليق حقوق التصويت في الجمعية العامة، لكن فقط في حال تجاوزت ديون دولة ما تجاه المنظمة حدا معينا.

في مجلس الأمن، حق النقض (الفيتو) يسمح بكل شيء، وروسيا لا تتردد في استخدامه. وقد استعملته موسكو أكثر من خمس عشرة مرة منذ عام 2011 لتعطيل قرارات حول سوريا من دون القلق من أي تداعيات. يقول دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته “إنهم لا يهتمون”.

ومن المرجح أن يتكرر التعطيل مرة أخرى نهاية الأسبوع. إذ يريد الغرب محاسبة روسيا بقرار “يدين بأشد العبارات الغزو الروسي لأوكرانيا”، بحسب مسؤول أمريكي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته. وخلال التصويت الجمعة ستستخدم موسكو حق النقض لتعطيل النص الذي تقترحه الولايات المتحدة وألبانيا.

ومن المرجح أيضا أن تتم إحالة النص فورا على الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 دولة عضوا في المنظمة. لكن على عكس قرارات مجلس الأمن، فإن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة. ومع ذلك، فإن لها قيمة سياسية وسيتم رصد عدد البلدان التي تصوت لصالح النص من كثب.

حدث سيناريو مماثل عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014. كانت روسيا قد استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار يدينها، ثم أقر النص في الجمعية العامة بـ100 صوت من أصل 193 عضوا، أي بأغلبية محدودة.

بعد ثماني سنوات، لا تزال شبه جزيرة القرم تحت السيطرة الروسية رغم عدم الاعتراف بضمها دوليا.

وتقول أستاذة العلوم السياسية في نيويورك باميلا تشيسك “لسوء الحظ، ليس لدى الأمم المتحدة حل مثالي أو ربما يكون مفيدا في نزع فتيل الوضع في أوكرانيا راهنا”. وتضيف أن “نظام الأمم المتحدة ضعيف، لكنه صمم على أمل تجنب حرب عالمية جديدة”.

الاخبار العاجلة